للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأعاد عمر قول الله تعالى حين أعاد سليمان قوله فاتعظ سليمان، ثم نوى في نفسه ليعقدن عقدا لا يكون فيه للشيطان نصيب (١).

واستشار سليمان رجاء بن حيوة في عمر بن عبد العزيز فأشار عليه خيرا وامتدح عمر، ولكن سليمان تردد في عدم تنفيذ بني أمية للوصية إن اختار لهم عمر ففكر في الأمر، ثم هداه الله أن يجعل أحدهم بعده فجعل بعده يزيد بن عبد الملك، ولما استقر على هذا الرأي أشار عليه رجاء بكتابة العهد وختمه وأخذ البيعة لمن فيه، فكتب العهد وخطه بيده، ثم ختمه ابن أبي نعيم صاحب الخاتم، ثم طواه سليمان ودعا بأهل بيته من الأمراء وأهل البيعة، فطلب إليهم أن يبايعوا لمن في العهد المطوي المختوم، فبايعوا وأسلمه لرجاء.

ولما مات سليمان بايع الناس مرة أخرى، وعندما أعلن رجاء بن حيوة اسم الخليفة الجديد، وجم بنو مروان وأخذتهم الدهشة، ولكنهم قد بايعوا وانتهى الأمر، ولكن هشاما لم يستطع أن يكظم غيظه فقال: هاه، لا والله لا أبايع: فسل حرسي من أهل الشام سيفه، وقال: تقول لأمر قضاه أمير المؤمنين هاه؟ فقال هشام: نسمع ونطيع إن كان رجلا من بني عبد الملك. فقال له رجاء: إذن أضرب عنقك. فجذبه الناس حتى سقط على الأرض، وقالوا: سمعنا وأطعنا. ولما أعلن رجاء اسم الخليفة الثاني خفف ذلك من حدة التوتر التي أصابت بني أمية.

أما عمر فقد عقر وقال: والله إن هذا الأمر ما سألته قط (٢). ومشى إليه رجاء مسلما بالإمارة طالبا إليه أن يقوم إلى المنبر، فقال عمر: أنشدك الله يا رجاء، فقال له: أناشدك الله أن يضطرب بالناس حبل (٣) وأخذ بيده رجاء وأصعده المنبر، فجلس طويلا لا يتكلم


(١) ابن عبد الحكم ص ٣٠.
(٢) تاريخ الخلفاء ص ٢١٤.
(٣) ابن عبد الحكم ص ٣٢.