للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيام الدراسة إذ كانا يتعلمان معا، ولما بلغه إسلام صديقه حزن عليه حزنا شديدا، وتأسف على تركه دين النصارى.

فلما كان الوفد على السفينة أرسل " فرنصيص " رسالة إلى المؤلف يناشده فيها صداقته القديمة، ويعرض المناصب العليا عنده؛ ليرجع معه إلى صقلية ويرتد إلى دين النصارى مرة أخرى، ولما وصلت الرسالة إلى الأمير أخفاها عن المؤلف، وأمر بترجمتها قبل أن يسلمها إليه، وبعد ما اطلع على محتوى الرسالة استغرب بما كان يهدف إليه القسيس الصقلي من هذا السفر وبما اقترح على زميله، ثم أراد الأمير أن يختبر المؤلف في دينه وعقيدته، فأمره أيضا بترجمتها متجاهلا عن مضمونها، فوجدها موافقة للترجمة السابقة، ثم سأله عما سيرد به على زميله؟

فقال: يا مولاي أنت تعلم بماذا سأرد به؛ لأني ما أسلمت للجاه والمال، ولكني دخلت في الإسلام بعد ما اقتنعت به.

فلما سمع الأمير هذا الكلام من المؤلف مدحه وأثنى عليه، ولكنه اقترح عليه من باب مخادعة العدو أن يكتب إلى صديقه " فرنصيص ": أنك لو قمت بالسعي والمحاولة في فكاك أموال المسلمين من أيدي النصارى، فسوف أحتال في الخروج إليك مع من يقوم بوزن أموال المسلمين، ثم أهرب معكم ليلا.

فكتب المؤلف كما طلب منه الأمير امتثالا لأمره، وتحقق له ما أراد بهذه الحيلة، قام النصارى بفداء أموال المسلمين، والراهب ينتظر صديقه ويتوقع حضوره في السفينة إلى آخر لحظة وزن الأمتعة والأموال، حتى تنبه للخدعة بعد نجاحها، وانتكس على خيبة أمله. وبهت الذي كفر.