للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يلزم الراهن بإقباضه، سواء كان الدائن حيا أو ميتا، وإن كان بغير تفريط من الدائن وإنما كان لمماطلة المدين مثلا، ألزمه بإقباضه إن كان حيا. وألزم ورثته إن كان ميتا. ثم إن الدليل فيه مصادرة لما فيه من الاستدلال بالدعوى على نفسها.

القول الثاني: أن الرهن يلزم بمجرد العقد ولو لم يقبض المرهون وهو مذهب مالك ورواية عن الإمام أحمد رحمه الله في الرهن إذا كان متعينا.

واستدل لهذا القول بالكتاب والسنة والمعنى.

أما الكتاب فقوله تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (١)

وجه الدلالة: ما ذكره الباجي بقوله: فلنا من الآية دليلان: أحدهما: أنه قال عز من قائل:

{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (٢)

فأثبتها رهنا قبل القبض. والآخر: قوله: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (٣) أمر؛ لأنه لو كان خبرا لم يصح أن يوجد رهن غير مقبوض، ومن قولهم أن الراهن لو جن أو أغمي عليه ثم أفاق فسلم فيصح، فيثبت أنه أمر.

ويمكن أن يجاب عن الوجه الأول بأن إثباتها رهانا قبل القبض لا يلزم منه أن يكون الرهن لازما بالعقد؛ إذ يمكن أن يضاف إليها هذا الوصف مع القول بالصحة.

وعن الوجه الثاني: بالتسليم أن الخبر بمعنى الأمر لكن لم يعمل بموجب الأمر الذي هو الوجوب واللزوم في حق نفس الرهن؛ حيث لم يجب الرهن على المديون بالإجماع، فوجب أن يعمل به في شرطه وهو القبض. ونظير ذلك قوله عليه السلام: «الحنطة بالحنطة مثلا بمثل (٤)» بالنصب. أي


(١) سورة البقرة الآية ٢٨٣
(٢) سورة البقرة الآية ٢٨٣
(٣) سورة البقرة الآية ٢٨٣
(٤) رواه مسلم في المساقاة، والترمذي والنسائي في البيوع وغيرهم.