دين الرهن قرضا وقد يكون غير قرض، وإذا كان دين الرهن غير قرض فقد يأذن الراهن للمرتهن وقد لا يأذن. وفي كل ذلك قد يكون بعوض وقد يكون بغير عوض، وإذا كان بعوض: فقد يكون فيه محاباة وقد لا يكون فيه محاباة. وإذا استأجر المرتهن الرهن - مثلا - فهل يؤثر على عقد الرهن أو لا؟ وإذ اشترط الانتفاع عند عقد الرهن فما حكم الشرط؟ وإن كان المرهون مما يحتاج إلى مؤنة فقد ينتفع به بعوض أو بغير عوض؛ بإذن الراهن أو بغير إذنه، وإذا أذن له: فقد يكون الرهن مركوبا ومحلوبا أو غيرهما. وإذا كان غير محلوب ولا مركوب: فقد يكون حيوانا أو غير حيوان. وإذا كان حيوانا: فأنفق عليه بغير نية الرجوع أو بنية الرجوع. وأذن المالك أو لم يأذن: أمكنه أن يستأذنه أو لا، وإذا انتفع المرتهن: فهل يحسب من دينه؟
هذه المسائل التي سبقت تكلم عليها ابن قدامة رحمه الله كلاما مفصلا أحببنا ذكر كلامه بدون تصرف.
قال رحمه الله على قول الخرقي:" ولا ينتفع المرتهن من الرهن بشيء إلا ما كان مركوبا أو محلوبا فيركب ويحلب بقدر العلف ". قال: الكلام في هذه المسألة في حالين:
أحدهما: ما لا يحتاج إلى مؤنة كالدار والمتاع ونحوه فلا يجوز للمرتهن الانتفاع به بغير إذن الراهن بحال لا نعلم في هذا خلافا.
لأن الرهن ملك الراهن فكذلك منافعه فليس لغيره أخذها بغير إذنه.
فإن أذن الراهن للمرتهن في الانتفاع بغير عوض وكان دين الرهن من قرض لم يجز؛ لأنه يحصل قرضا يجر منفعة وذلك حرام، قال أحمد: أكره قرض الدور وهو الربا المحض؛ يعني إذا كانت الدار رهنا في قرض ينتفع بها المرتهن. وإن كان الرهن بثمن مبيع أو أجر دار أو دين غير القرض فأذن له الراهن في الانتفاع جاز ذلك. روي ذلك عن الحسن وابن سيرين وبه قال إسحاق.