الوجه الخامس: قوله: إنها كانت كلما مكن لها من قرية أو مدينة أتت على الأضرحة وتخريبها.
أقول: هذا من فضائلهم وإن عده هو وأضرابه من معائبهم؛ لأنهم ينفذون بذلك وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله لعلي - رضي الله عنه -: «لا تدع قبرا مشرفا إلا سويته (١)»، فأي عيب في ذلك إذا أزالوا مظاهر الوثنية، وعملوا بالسنة النبوية، ولكن أهل الجهل والضلال لا يعلمون، فيعتقدون الحسن قبيحا والقبيح حسنا، والمنكر معروفا والمعروف منكرا، وقد تكاثرت الأدلة على تحريم البناء على القبور؛ لأن ذلك من وسائل الشرك، فلا بد من هدم الأضرحة وإزالة مظاهر الوثنية، وإن غضب أبو زهرة وأضرابه ممن يرون بقاء الأضرحة التي هي منابت الوثنية وأوكارها.
الوجه السادس: قوله: إنهم تعلقوا بأمور صغيرة، ثم مثل لذلك بتحريم التصوير الفوتوغرافي.
والجواب عن ذلك أولا: إن التصوير ليس من الأمور الصغيرة بل هو من كبائر الأمور، للأحاديث الصحيحة في النهي عنه والتحذير منه، ولعن المصورين، والإخبار بأنهم أشد الناس عذابا يوم القيامة من غير تفريق بين التصوير الفوتوغرافي وغيره، ومن فرق فعليه الدليل، والمحذور في التصوير والتعليل الذي حرم من أجله متحققان في جميع أنواع الصور فوتوغرافية أو غيرها.
وثانيا: قوله: إن التصوير لا يؤدي إلى وثنية قول مردود؛ لأن التصوير من أعظم الوسائل التي تؤدي إلى الوثنية كما حصل لقوم نوح لما صوروا الصالحين وعلقوا صورهم على مجالسهم، وآل بهم الأمر إلى أن عبدوا تلك الصور، كما ورد ذلك في صحيح البخاري وغيره عند تفسير قوله تعالى:
(١) صحيح مسلم الجنائز (٩٦٩)، سنن الترمذي الجنائز (١٠٤٩)، سنن النسائي الجنائز (٢٠٣١)، سنن أبو داود الجنائز (٣٢١٨)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ١٣٩).