للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى الرجوع إلى الحق بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم يدعوا لأنفسهم بالعصمة من الخطأ، ويرفضوا ما عند غيرهم من الصواب كما وصفهم بذلك، وهذا إمامهم وكبيرهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - يقول في إحدى رسائله التي وجهها لخصومه: وأرجو أني لا أرد الحق إذا أتاني، بل أشهد الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا منكم كلمة من الحق لأقبلنها على الرأس والعين، ولأضربن الجدار بكل ما خالفها من أقوال أئمتي حاشا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا يقول إلا الحق انتهى. وكلهم - والحمد لله - على هذا المنهج الذي قاله الشيخ.

الوجه الحادي عشر: قوله: بل إنهم يعتبرون ما عليه غيرهم من إقامة الأضرحة والطواف حولها قريبا من الوثنية:

والجواب عنه أن نقول: كلامه هذا يدل على جهله بمعنى الوثنية، لم يدر أنها تتمثل في تعظيم القبور بالبناء عليها، والطواف حولها، وطلب الحوائج من أصحابها، والاستغاثة بهم، فلذلك استغرب استنكار ذلك واعتباره من الوثنية، وكأنه لم يقرأ ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية من استنكار الاستشفاع بالموتى واتخاذهم أولياء ليقربوا إلى الله زلفى، ولم يقرأ نهي الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن البناء على القبور واتخاذها مساجد، ولعن من فعل ذلك، وإذا لم تكن إقامة الأضرحة والطواف حولها وثنية فما هي الوثنية؟ لكن كما قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية، ألم يكن شرك قوم نوح متمثلا في دعاء الأموات؟! ألم تكن اللات ضريحا لرجل صالح كان يلت السويق للحاج؟! فلما مات عكفوا عند قبره وطافوا حوله، ولو كان هذا الكلام صادرا عن عامي لا يعرف الحكم لهان الأمر؛ لأن العامي جاهل وتأثيره على الناس