ودون نفي له أو تأويل، وقد وقف الصحابة ومن تبعهم هذا الموقف؛ لأنهم أدركوا أن تكييف الصفات أو الأسماء ومحاولة تحديد حقيقتها إنما يعني الوقوع في محظور لا يمكن أن يقبل أو يتجاوز عنه، وهو الاعتراف الضمني بمشابهة الله للمخلوقات التي يجري عليها كلها قوانين التكييف والتحديد، ومن ثم فلم يتجهوا إلى التكييف أو التحديد في هذا الجانب، فأثبتوا الصفات والأسماء الإلهية دون تكييف.
ومن ناحية أخرى فإنهم أدركوا كذلك أن نفي التشبيه كلية بين الخالق والمخلوق لا يتطلب نفي هذه الصفات أو الأسماء عن الله سبحانه أو تأويل معناها بما يتفق مع فكرة تنزيه الله سبحانه عن مشابهة المخلوقين؛ ذلك أن النفي أو التأويل إنما يعني تعطيل البارئ سبحانه مما وصف به نفسه، ومما سمى به نفسه من صفات وأسماء، ومما جاء كذلك على ألسنة رسله إلى العالمين، وهذا هو باختصار موقف أهل السنة والجماعة أيضا من قضية الصفات، وهو الموقف الذي تابعوا فيه منهج الصحابة - رضي الله عنهم -، وبعد هذا الإيضاح المبدئي لموقف أهل السنة من هذه القضية فإننا قد نتساءل عن أسس منهجهم وعن ضوابطه حتى نتمكن من فهم أعمق لدوافع الموقف الذي وقفوه.