للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن تصور وقوع فكرة " التشابه " بين الخالق والمخلوق - بسبب الاستعمال اللغوي - يبدو أمرا بعيد الحدوث لدى أولئك الذين ينظرون إلى هذه القضية من تلك الزاوية التي نظرنا منها بل أنه يبدو أمرا غير منطقي تماما. ذلك أننا هنا نتساءل قائلين:

- أين التشبيه - إذن - إذا كانت ذات البارئ سبحانه ليست مثل ذوات البشر؟!

- وأين التشبيه إذا كانت صفات الله مغايرة تماما لما يصدر عن المخلوقين؟!

- وأين التشبيه إذا كانت قدرة الله العظيم، ومجالاتها، وإمكانياتها، وسلطانها؛ لا حدود لها ولا قيود عليها، على النقيض مما هو حاصل وواقع لدى البشر؟!

وفي هذا الصدد فإنه يكفي أن نشير - على سبيل المثال - إلى ما تدل عليه بعض نصوص العلم الإلهي، وذلك في مجال تصوير بعض جوانب قدرة الله العظيم سبحانه - قال تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} (١) وقال سبحانه:

{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (٢).

قال ابن كثير في تفسير آية الكهف (١٠٩): (يقول: لو كان البحر مدادا، والشجر كله أقلام، لانكسرت الأقلام، وفني ماء البحر، وبقيت كلمات الله قائمة لا يفنيها شيء؛ لأن أحدا لا يستطيع أن يقدر قدره،


(١) سورة الكهف الآية ١٠٩
(٢) سورة لقمان الآية ٢٧