للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موجودين [فقوله: " ألقيا " عند هذا القائل، إنما هو خطاب مع اثنين يقدر وجودهما].

الجانب الثاني، أو الخطوة المنهجية الثانية:

وهي تقوم على افتراض أنه يجوز أن يكون لليد معنيان، أحدهما على الحقيقة: وهو اليد حقيقة، والثاني على الكناية: وهو القدرة والنعمة. لكن إذا كان الأمر كذلك فليس هناك أي دافع لصرف اللفظ من الحقيقة إلى الكناية، اللهم إلا إذا كان تنزيه الخالق سبحانه عن أن تكون له يد تشبه جوارح المخلوق، وأهل السنة يصرون على ضرورة تأكيد هذه الفكرة، ولا يقولون أبدا بما يناقضها، فليس لله سبحانه يد من جنس أيدي المخلوقين، لكن هذه الحقيقة المقررة، لا تمنع، لا عقلا، ولا شرعا، أن يكون لله سبحانه [يد تناسب ذاته، تستحق من صفات الكمال ما تستحق الذات] (١).

وأمر اليد هنا مثل أمر الذات. فكما أن ذاته لا تشبه ذوات المخلوقين، فإن هذا لا يتأتى إلا بأن تكون صفاته سبحانه مغايرة تمام المغايرة لصفاتهم، ومن ثم فإن يده ليست مثل أيديهم.

وبذلك يكون الأساس الذي بنى عليه منكرو الصفات، وهو عدم مشابهته للمخلوقين، متحققا، وقائما مع إثبات الصفات، ونفي مشابهتها لصفات المخلوقين نفيا قطعيا، وحاسما.

أما الخطوة المنهجية الثالثة: فإنه عند النظر في صفة " اليد " له سبحانه في ضوئها نلحظ ما يلي:

أ - أنه لم يرد [في كتاب الله، أو في سنة رسوله، أو عن أحد من أئمة المسلمين، أنهم قالوا: إن المراد باليد، خلاف ظاهره] (٢) أو قالوا: الظاهر غير مراد.


(١) الرسالة المدنية، ص / ١٠.
(٢) الرسالة المدنية، ص / ١١.