ينكروا بعض صفات الخالق سبحانه، بحجة التنزيه، أو بحجة فكرة أو حقيقة " التوحيد "، وإنما الذي رأيناه من خلال هذا الموقف، أن منطلقهم الأساسي كان من تأكيد فكرة التوحيد، التي تعني في المقام الأول، نفي التشبيه، والند، والنظير، والسمي عن الخالق، في الذات، وفي الصفات معا.
وأما قضية التفرقة بين الذات والصفات فهي فكرة فلسفية، تمتد في جذورها إلى منابت الفلسفة الوثنية، كما أنها في الواقع فكرة تجريدية لا وجود لها في الواقع أبدا، بل هي أشبه بذلك السراب الذي يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئا، وهكذا لا نعثر في الواقع الفكري والوجودي على تلك الثنائية، التي تفصل فيها الصفة عن الموصوف، والتي تعتبر فيها الصفة وجودا قائما بذاته.
ومن هذا المنطلق رأينا شيخ الإسلام يلفت نظرنا إلى جملة من الحقائق، والتي جعلها مقدمات لإصدار حكمه على منهج السلف، وعلى موقفهم في رفض التأويل في قضية الصفات الإلهية.