للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب، والسؤال عنه، ومعرفة الحق فيه، أكبر مقاصده، وأعظم مطالبه، أعني: بيان ما ينبغي اعتقاده، لا معرفة كيفية الرب، وصفاته] (١). . .

ويعللها أيضا: بأن هذه القضية، من القضايا التي تتعلق بالفطرة البشرية، ومن القضايا التي تشغل الإنسان دوما، وإذا كان الأمر كذلك، فمن الأمور المستبعدة، أن يكون الصحابة - مع غزارة علمهم وعمق فقههم، قد أغفلوا معرفة ذلك، أو الوقوف فيه على الحق المبين.

يقول ابن تيمية: [فكيف يتصور مع قيام هذا المقتضى - الذي هو من أقوى المقتضيات - أن يتخلف عنه مقتضاه في أولئك السادة في مجموع عصورهم؟!! هذا لا يكاد يقع في أبلد الخلق وأشدهم إعراضا عن الله، وأعظمهم إكبابا على طلب الدنيا، والغفلة عن ذكر الله تعالى، فكيف يقع في أولئك؟!!] (٢).

هـ - ومما يؤيد هذه الفكرة، بل هذه الحقيقة، أن المنهج القرآني كان محيطا بكل المقالات، أو الأفكار الضالة، ومجادلا لها، وكاشفا لمصادر الضلال فيها، ومبينا دوافع الانحراف لديها، وبما أن الصحابة قد فهموا القرآن، وتدبروا آياته وعاشوا معه، وعايشوه آية آية، بل لم يكونوا يدعون عشر الآيات تنزل على رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، حتى يتقنوها علما وعملا، حتى حفظوا القرآن، وأتقنوا العلم والعمل جميعا - أقول: بما أن الأمر كذلك، فإن هؤلاء الصحابة لا بد أن يكونوا في كل هذا أفقه الفقهاء، وأعلم العلماء، فهم مصادر علم الدين وفقهه دون منازع.

[إذا تدبر المؤمن العليم، سائر مقالات الفلاسفة وغيرهم من الأمم، التي فيها ضلال وكفر، وجد القرآن والسنة كاشفين لأحوالهم، مبينين لحقهم، مميزين بين حق ذلك وباطله. والصحابة كانوا أعلم الخلق


(١) فتاوى الرياض: مج / ٥، ص / ٨.
(٢) فتاوى الرياض: مج / ٥، ص / ٨.