للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا أريد استقصاء جميع أباطيل الصوفية ورد شيخ الإسلام عليها، إنما أردت عرض بعض النماذج من أفكارهم وخطورتها على الإسلام والمسلمين، حتى يتبين لنا الأسباب الحقيقية لاهتمام شيخ الإسلام بتتبع تلك الضلالات والرد عليها، فشن عليهم حربا شعواء أقضت مضاجعهم، وناقش أقوالهم مناقشة العارف لها، الفاحص لدقائقها العارف لأسرارها.

ومن أعظم ما ألف شيخ الإسلام في هذا الخصوص هو كتابه " الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان " فقد فصل فيه القول في الولاية الرحمانية وبيان صفاتها من الكتاب والسنة، وأقوال السلف الصالح، وفرق بين ذلك وبين الولاية الشيطانية الصوفية التي تعتمد على الشعوذات والدجل والكذب وأكل أموال الناس بالباطل، والسماع والغناء والرقص والبدع المنكرة في الدين، والتظاهر بالصلاح والتقوى.

ولقد أجاد شيخ الإسلام أيما إجادة في بيان الكرامة الرحمانية التي هي حق لولي الله، والكرامة الشيطانية التي تجري أحيانا على أيدي هؤلاء كتظاهرهم بالدخول في النيران، وزعموا أنها لا تضرهم، وحملهم الحيات والثعابين، أو ضربهم أنفسهم بالسيوف والسهام، وغير ذلك من أنواع المخاريق التي يزعمون أنها من كراماتهم.

وقد قام شيخ الإسلام بتحدي هؤلاء الصوفية الذين يزعمون هذه الكرامات، وأنه يدخل معهم النار التي يزعمون دخولها، وأنها تحرقهم إن شاء الله ولا تحرقه، شريطة أن يغسلوا أنفسهم أولا بالخل، وذلك لإزالة دهن الضفادع الذي يدهنون به أنفسهم حتى لا تؤثر فيهم النار، فلما كشف حيلهم وتحداهم، وكان ذلك بمحضر السلطان تراجعوا من ذلك وظهر كذبهم ومخاريقهم (١).


(١) العقود الدرية، ص١٩٤، ١٩٥، والفتاوى الكبرى، ص / ٤٤٥ - ٤٧٦.