للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيره، ويؤخذ من الأحاديث المذكورة أن الشريف النسيب يستحب له أن يتزوج بذات حسب ونسب مثله، إلا أن تعارض نسيبة غير دينة، وغير نسيبة دينة، فتقدم ذات الدين، وهكذا في كل الصفات (١)، وقد مر قول أكثم بن صيفي: (فإن المناكح الكريمة مدرجة للشرف).

وبدهي أن الرجل إذا تزوج المرأة الحسيبة المنحدرة من أصل كريم، أنجبت له أولادا مفطورين على معالي الأمور، متطبعين بعادات أصيلة وأخلاق قويمة؛ لأنهم سيرضعون منها لبان المكارم، ويكتسبون خصال الخير.

أما أهل الدنيا فإنهم يجعلون المال حسبهم الذي يسعون إليه، ففضائلهم التي يرغبون فيها، ويميلون إليها، ويعتمدون عليها في النكاح وغيره المال، لا يعرفون شرفا آخر مساويا له، بل مدانيا إياه، فصاحب المال فيهم عزيز كيفما كان، والمقل عندهم وضيع ولو كان ذا نسب رفيع.

هـ - فعن أبي بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أحساب أهل الدنيا الذين يذهبون إليه المال (٢)».

والحق الذي ينبغي أن يصار إليه، أن حسب المرء لا يكون بكثرة ماله ووفرة رعائه، بل بنبالة أصله، وشرف محتده.


(١) انظر: فتح الباري (٩/ ١٣٥)، وعون المعبود (٦/ ٤٢).
(٢) رواه الترمذي (٦/ ٦٤) في النكاح، وابن ماجه (٤٢١٩) والدارقطني (٤١٧) والحاكم (٢/ ١٦٣) والبيهقي (٧/ ١٣٥) وأحمد (٥/ ١٠) وذكره الألباني في (الإرواء / ١٨٧٠) وصححه.