للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معلوم، وقد تراضيا، فهي تشترط عليه لنفسها، فتلك التي نهى أن يخطبها الرجل على خطبة أخيه، ولم يعن بذلك إذا خطب الرجل المرأة، فلم يوافقها أمره ولم تركن إليه أن لا يخطبها أحد) (١).

وقد استدل بعض الفقهاء على أن تحريم خطبة الرجل على خطبة أخيه مشروط بحصول التراضي مع الأول وتسمية المهر، «بحديث فاطمة بنت قيس، حيث قالت: فلما حللت - من العدة - ذكرت له - لرسول الله - أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية صعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد، فكرهته، ثم قال: انكحي أسامة، فنكحته (٢)»، وحجتهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر خطبة بعضهم على بعض، بل خطبها لأسامة (٣).

أما إذا خطب الأول وأجيب طلبه، فقد أجمع الفقهاء على تحريم الخطبة على خطبته، فإذا خطب الثاني ولم يدخل وجب فسخ الخطبة، فإن دخل بها صح زواجه، وكان آثما.

أما إذا كان الأول فاسقا، فقد أجاز بعض الفقهاء خطبة الرجل على خطبته، وقالوا: لا تحرم، ولو ركنت إليه؛ لأن درء المفسدة المترتبة على وقوعها في عصمة الفاسق مقدم على المنفعة المتوقعة من زواجها به، ونقل الحافظ في الفتح (٩/ ٢٠٠) عن ابن القاسم صاحب مالك قوله: إن الخاطب الأول إذا كان فاسقا جاز للعفيف أن يخطب على خطبته، ثم قال الحافظ - رحمه الله -: وهو متجه فيما إذا كانت المخطوبة عفيفة، فيكون الفاسق غير كفء لها؛ فتكون خطبته كلا خطبة، وقال: وقد رجح قول ابن القاسم ابن


(١) الموطأ (١١٠١) في كتاب النكاح.
(٢) رواه مسلم (٤/ ١٩٥) في الطلاق، وسيأتي كاملا في الكفاءة للزوج مع تمام تخريجه.
(٣) شرح مسلم / للنووي (٩/ ١٩٨) طبعة دار الفكر ١٤٠١ هـ.