للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سمي به لمعنى متقدم، ثم ينقطع ذلك المعنى ولا يزول الاسم. ومن هنا اختلف العلماء في جواز نكاح اليتيمة التي لم تبلغ، فذهب سفيان الثوري والشافعي إلى أن نكاحها لا يجوز حتى تبلغ، قال صاحب عون المعبود (٦/ ١١٧): (والمراد باليتيمة في الحديث البكر البالغة، سماها باعتبار ما كانت، كقوله تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} (١)

وفائدة التسمية مراعاة حقها والشفقة عليها في تحري الكفاية والصلاح، فإن اليتم مظنة الرأفة والرحمة، ثم هي قبل البلوغ لا معنى لإذنها ولا لإبائها، فكأنه عليه الصلاة والسلام شرط بلوغها، فمعناه: لا تنكح حتى تبلغ فتستأمر أي تستأذن).

وذهب أحمد وإسحاق إلى جواز نكاحها إذا بلغت تسع سنين ورضيت، واحتجا «بحديث عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنى بها وهي بنت تسع سنين (٢)»، وقولها - رضي الله عنها -: " إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة " وهو ما رجحه الإمام ابن القيم محتجا بالحديث الذي رواه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، قال: «حفظت عن رسول لله - صلى الله عليه وسلم - اثنتين: لا يتم بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى الليل (٣)».

ثم قال رحمه الله: (فدل ذلك على جواز نكاح اليتيمة قبل البلوغ، وهذا مذهب عائشة - رضي الله عنها، وعليه يدل الكتاب والسنة، وبه قال أحمد وأبو حنيفة وغيرهما.) (الزاد ٥/ ١٠٠).


(١) سورة النساء الآية ٢
(٢) صحيح البخاري المناقب (٣٨٩٦)، صحيح مسلم النكاح (١٤٢٢)، سنن أبو داود الأدب (٤٩٣٣)، سنن ابن ماجه النكاح (١٨٧٦)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٢١١).
(٣) رواه داود (٢٨٧٣) في الوصايا، قال الأرناؤوط في تخريج جامع الأصول (١١/ ٦٤٢): هو حسن بشواهده عندي.