للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الشيرازي في المهذب (١):

وإن اشتبهت الشهور على أسير لزمه أن يتحرى ويصوم، كما يلزمه أن يتحرى في وقت الصلاة وفي القبلة، فإن تحرى وصام فوافق الشهر أو ما بعده أجزأه، فإن وافق شهرا بالهلال ناقصا وشهر رمضان الذي صامه الناس تاما ففيه وجهان: أحدهما: يجزئه. وهو قول الشيخ أبي حامد الإسفراييني رحمه الله تعالى؛ لأن الشهر يقع على ما بين الهلالين، ولهذا لو نذر صوم شهر فصام شهرا ناقصا بالأهلة أجزأه.

والثاني: أنه يجب عليه صوم يوم، وهو اختيار شيخنا القاضي أبي الطيب، وهو الصحيح عندي؛ لأنه فاته صوم ثلاثين وقد صام تسعة وعشرين يوما فلزمه صوم يوم.

وإن وافق صومه شهرا قبل رمضان. قال الشافعي: لا يجزئه. ولو قال قائل: يجزئه كان مذهبنا. قال أبو إسحاق المروزي: لا يجزئه، قولا واحدا. وقال سائر أصحابنا: فيه قولان بالفعل قبل الوقت عند الخطأ كالوقوف بعرفة إذا أخطأ الناس ووقفوا قبل يوم عرفة. والثاني لا يجزئه، وهو الصحيح؛ لأنه تعين له يقين الخطأ فيما يأمن مثله في القضاء. فلم يعتد له بما فعله. كما لو تحرى في وقت الصلاة قبل الوقت.

قال النووي: قوله: (عبادة تفعل في السنة مرة) احتراز من الخطأ في الصلاة قبل الوقت، والاحتراز في قوله: تعين له يقين الخطأ فيما يأمن مثله في القضاء. سبق بيانه في استقبال القبلة. وهذا الذي قاسه على الوقوف بعرفة قبل يوم عرفة تفريع على الضعيف من الوجهين، وهو أنه يجزئهم، وبه قطع المصنف، والأصح أنه لا يجزئهم كما سنوضحه في بابه إن شاء الله تعالى.

أما أحكام هذا الفصل فقال الشافعي والأصحاب رحمهم الله تعالى:


(١) ص ٣١٥ إلى ٣١٩ جـ.