هذا ما نريد الاستفهام عنه، فلعلنا نظفر في وقت قريب بما يزيل العقبات عن المقيمين في تلك البلاد ببيان حكم الله تعالى؛ تيسيرا عليهم وتبيانا لسماحة الدين.
(الجواب) اطلعنا على هذا السؤال، ونفيد بأنه فيما يختص بالبلاد التي تغيب فيها الشمس ستة أشهر أو نحو ذلك، اختلف الفقهاء في وجوب الصلاة على المقيمين بها وعدم وجوبها فقال بعضهم: لا تجب عليهم الصلاة؛ لعدم وجود السبب وهو الوقت. وقال بعضهم: تجب عليهم الصلاة وعليهم أن يقدروا لها أوقاتها بالقياس على أقرب البلاد التي تطلع فيها الشمس وتغرب كل يوم. والقول الأخير قول الشافعية، وهو قول مصحح عند الحنفية، وهو الذي اخترناه للفتوى؛ مراعاة لحكمة تشريع الصلاة.
وفيما يختص بصوم أهل هذه البلاد فإنه واجب عليهم، وعليهم أن يتحروا عن دخول شهر رمضان، وعن مدة الصيام فيه بالقياس على أقرب البلاد التي شهد أهلها الشهر وعرفوا وقت الإمساك والإفطار فيه، وهو كذلك مذهب الشافعية الذي اخترناه للفتوى.
وأما البلاد التي تطلع فيها الشمس وتغرب كل يوم، إلا أن مدة طلوعها تبلغ نحو عشرين ساعة، فبالنسبة للصلاة يجب عليهم أداؤها في أوقاتها لتميزها تميزا ظاهرا. وبالنسبة للصوم يجب عليهم الصوم في رمضان من طلوع الفجر إلى غروب الشمس هناك، إلا إذا أدى الصوم إلى الضرر بالصائم وخاف من طول مدة الصوم الهلاك أو المرض الشديد، فحينئذ يرخص له الفطر ولا يعتبر في ذلك مجرد الوهم والخيال، وإنما المعتبر غلبة الظن بواسطة الأمارات أو التجربة أو إخبار الطبيب الحاذق بأن الصوم يفضي إلى الهلاك أو المرض الشديد أو زيادة المرض أو بطء البرء، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فلكل شخص حالة خاصة. وعلى من أفطر في كل هذه الأحوال قضاء ما أفطره بعد زوال العذر الذي رخص له