للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكلمة لا إله إلا الله نفي وإثبات كما سبق، نفي للعبادة بحق عن غير الله كائنا من كان، وإثبات العبادة لله وحده بالحق، كما قال جل وعلا عن إبراهيم الخليل عليه السلام أنه قال لأبيه وقومه:

{إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} (١) {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} (٢) {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} (٣).

وقال سبحانه: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} (٤)، وهذا قول الرسل جميعا؛ لأن قوله سبحانه: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} (٥)

يعني به الرسل جميعا، وهم الذين معه من أولهم إلى آخرهم، ودعوتهم دعوته، وكلمتهم هي البراءة من عبادة غير الله، ومن المعبودين من دون الله الذين رضوا بالعبادة لهم ودعوا إليها، فالمؤمن يتبرأ منهم وينكر عبادتهم، ويؤمن بالله وحده المعبود الحق سبحانه وتعالى؛ ولهذا قال سبحانه في الآية السابقة عن إبراهيم أنه قال لأبيه وقومه:

{إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} (٦) {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} (٧)

وهو الله سبحانه وتعالى الذي فطره وفطر غيره، فإنه لا يتبرأ من عبادته، وإنما يتبرأ من عبادة غيره، فالبراءة تكون من عبادة غيره سبحانه، أما هو الذي فطر العباد وخلقهم وأوجدهم من العدم وغذاهم بالنعم فهو المستحق العبادة سبحانه وتعالى، فهذا هو مدلول هذه الكلمة ومعناها ومفهومها، وحقيقتها البراءة من عبادة غير الله وإنكارها واعتقاد بطلانها


(١) سورة الزخرف الآية ٢٦
(٢) سورة الزخرف الآية ٢٧
(٣) سورة الزخرف الآية ٢٨
(٤) سورة الممتحنة الآية ٤
(٥) سورة الممتحنة الآية ٤
(٦) سورة الزخرف الآية ٢٦
(٧) سورة الزخرف الآية ٢٧