للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النار، كما قال عز وجل: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (١).

لماذا؟! لأنهم قالوها باللسان وكفروا بها بقلوبهم، ولم يعتقدوها ولم يعملوا بمقتضاها، فلا ينفعهم قولها بمجرد اللسان.

وهكذا من قالها من اليهود والنصارى وعباد الأوثان، كلهم على هذا الطريق، لا تنفعهم حتى يؤمنوا بمعناها، وحتى يخصوا الله بالعبادة، وحتى ينقادوا لشرعه.

وهكذا أتباع مسيلمة الكذاب والأسود العنسي والمختار بن أبي عبيد الثقفي الذين ادعوا النبوة وغيرهم، ويقولون: لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، لكن لما صدقوا من ادعى أنه نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم كفروا، وصاروا مرتدين؛ لأنهم كذبوا قول الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (٢).

فهو خاتمهم وآخرهم، ومن ادعى بعده أنه نبي أو رسول صار كافرا ضالا، وهكذا من صدقه كأتباع مسيلمة في اليمامة والأسود العنسي في اليمن والمختار في العراق وغيرهم، لما صدقوا هؤلاء الكذابين بأنهم أنبياء، كفر من صدقهم بذلك، واستحقوا أن يقاتلوا.

فإذا كان من ادعى مقام النبوة يكون كافرا؛ لأنه ادعى ما ليس له في هذا المقام العظيم، وكذب على الله، فكيف بالذي يدعي مقام الألوهية، وينصب نفسه ليعبد من دون الله؟ لا شك أن هذا أولى بالكفر والضلال.

فمن يعبد غير الله، ويعرف له العبادة، ويوالي على ذلك ويعادي عليه، فقد أتى أعظم الكفر والضلال.

فمن شهد لمخلوق بالنبوة بعد محمد عليه الصلاة والسلام، فهو كافر ضال، فلا إسلام ولا إيمان إلا بشهادة أن لا إله إلا الله، قولا وعملا


(١) سورة النساء الآية ١٤٥
(٢) سورة الأحزاب الآية ٤٠