للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول الثاني:

أنه يجب القطع بانتفاء المخصص، وقد نقله الغزالي عن القاضي أبي بكر الباقلاني، وقد ذكر لتحصيل القطع طريقين:

أ - أن المسألة إذا اشتهر الكلام فيها بين الصحابة والتابعين وسائر أهل العلم بعدهم، فيقال: إن هذه المسألة طال البحث فيها بين أهل العلم، وذكر كل منهم دليله، وليس فيها ما يخصص هذا العموم، فنقطع بانتفائه (١).

وقد رد الغزالي ذلك من وجهين:

الأول: أنه ليست كل المسائل قد طال البحث فيها بين أهل العلم، فهل يحجر على الصحابة التمسك بالعموم في المسائل التي لم يكثر البحث فيها؟

الثاني: أنه حتى لو طال الخوض في مسألة من المسائل لا يمكن أن نقطع بعدم وجود المخصص، وبخاصة أنه لا يمكن لأحد أن يدعي أنه اطلع على كل ما قاله أهل العلم فيها؛ لأن منه ما لم يكتب، ومنه ما كتب، ولم يبلغنا، فيمكن أن يكون فيما لم يبلغنا دليل الخصوص.

ب - الطريق الثاني: أن يقول: لو كان الحكم خاصا لنصب الله تعالى عليه دليلا للمكلفين، ولبلغهم ذلك، وما خفي عليهم.

وقد رده الغزالي بأنه إذا تحقق إجماع الأمة على شيء أمكن القطع به، لكن إذا لم تجمع الأمة عليه فكيف يتصور القطع به؟ (٢).


(١) راجع المستصفى (٢/ ١٥٩ - ١٦٠)، ومسلم الثبوت وشرحه (١/ ٢٦٨).
(٢) راجع المستصفى (٢/ ١٦١ - ١٦٢).