للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلن تضلوا أبدا: كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم (١)».

وكان الإمام أحمد يربي تلاميذه على هذا الاتجاه، فقد قال عثمان بن سعيد: قال لي أحمد بن حنبل: "لا تنظر في: كتب أبي عبيد، ولا فيما وضع إسحاق، ولا سفيان، ولا الشافعي، ولا مالك، وعليك بالأصل" (٢).

وقال ابن هانئ: سألت أحمد بن حنبل عن كتب أبي ثور؟ فقال: "كتاب ابتدع فهو بدعة". ولم يعجبه وضع الكتب، وقال: "عليكم بالحديث" (٣).

ولكن الله سبحانه وتعالى حفظ لنا شيئا كثيرا من مسائل الإمام أحمد، قال ابن الجوزي رحمه الله: "وكان ينهى الناس عن كتابة كلامه، فنظر الله إلى حسن قصده فنقلت ألفاظه وحفظت. فقل أن تقع مسألة إلا وله فيها نص من الفروع والأصول، وربما عدمت في تلك المسألة نصوص الفقهاء الذين صنفوا وجمعوا" (٤).

وقال ابن القيم الجوزية: " وكان أحمد شديد الكراهة لتصنيف الكتب، وكان يحب تجريد الحديث ويكره أن يكتب كلامه، ويشتد عليه جدا. فعلم الله حسن نيته وقصده، فكتب من كلامه وفتواه أكثر من ثلاثين سفرا، ومن الله سبحانه وتعالى علينا بأكثرها، فلم يفتنا منها إلا القليل. وجمع الخلال نصوصه في الجامع الكبير فبلغ نحو: عشرين سفرا أو أكثر، ورويت فتاواه ومسائله وحدث بها قرنا بعد قرن، فصارت إماما وقدوة لأهل السنة على اختلاف طبقاتهم، حتى إن المخالفين لمذهبه بالاجتهاد والمقلدين لغيره، يعظمون نصوصه وفتاواه، ويعرفون لها حقها وقربها من


(١) أخرجه: الحاكم في كتاب العلم (١/ ٩٣) من حديث ابن عباس وإسناده لا بأس به، وأخرجه: مالك في الموطأ: كتاب القدر (٢/ ٨٩٩) بلاغا. وانظر: السلسلة الصحيحة رقم (١٧٦١).
(٢) مناقب الإمام أحمد (ص١٩٢).
(٣) مناقب الإمام أحمد (ص١٩٢). وانظر: إعلام الموقعين (٤/ ٢٠٦).
(٤) مناقب الإمام أحمد (ص١٩١).