(تنبيه) محل هذا التفصيل إذا كان الاصطدام بفعلهما أو لم يكن وقصرا في الضبط أو سيرا في ريح شديدة فإن حصل الاصطدام بغلبة الريح فلا ضمان على الأظهر بخلاف غلبة الدابة فإن الضبط ثم ممكن باللجام ونحوه فالقول قولهما بيمينهما عند التنازع في أنهما غلبا؛ لأن الأصل براءة ذمتهما وإن تعمد أحدهما أو فرط دون الآخر فلكل حكمه وإن كانت إحداهما مربوطة فالضمان على مجري السائرة.
وفي المغني لابن قدامة (١) رحمه الله:
(مسألة) قال (وإذا اصطدم الفارسان فماتت الدابتان ضمن كل واحد منهما قيمة دابة الآخر) وجملته: أن على كل واحد من المصطدمين ضمان ما تلف من الآخر من نفس أو دابة أو مال سواء كانت الدابتان فرسين أو بغلين أو حمارين أو جملين أو كان أحدهما فرسا والآخر غيره سواء كانا مقبلين أو مدبرين، وبهذا قال أبو حنيفة وصاحباه وإسحاق.
وقال مالك والشافعي: على كل واحد منهما نصف قيمة ما تلف من الآخر لأن التلف حصل بفعلهما فكان الضمان منقسما عليهما كما لو جرح إنسان نفسه وجرحه غيره فمات منهما ولنا أن كل واحد منهما مات من صدمة صاحبه وإنما هو قربها إلى محل الجناية فلزم الآخر ضمانها كما لو كانت واقفة بخلاف الجراحة. إذا ثبت هذا فإن قيمة الدابتين إن تساوتا تقاصا وسقطتا وإن كانت إحداهما أكثر من الأخرى فلصاحبها الزيادة وإن ماتت إحدى الدابتين فعلى الآخر قيمتها وإن نقصت فعليه نقصها.
(فصل) فإن كان أحدهما يسير بين يدي الآخر فأدركه الثاني فصدمه فماتت الدابتان أو إحداهما فالضمان على اللاحق لأنه الصادم والآخر مصدوم فهو بمنزلة الواقف.