فهذا الإعطاء إما أن يكون مسبوقا بإعطاء النقود أو غير مسبوق كما تقدم في الخطوة الثانية وأيا كان فهو من تتمة قبول التحويل الذي هو عملية مركبة، ولكن لو لاحظنا على انفراد لكان له وصف شرعي يختلف بحسب سبقه بدفع النقود وعدم سبقه بذلك:
أ- فإن كان مسبوقا بإعطاء النقود التي اعتبرت مقترضة احتمل كونه حوالة أو وكالة: وتصوير الحوالة أن يقال: إن المصرف الذي أصبح مدينا بدين القرض قد أحال دائنه - الذي أعطى النقود وأصبح مقرضا - على المصرف الآخر ليدفع الدين الذي هو بدل القرض إلى ذلك الدائن، أو إلى الشخص الذي عينه وكتب اسمه في الصك. وتصوير الوكالة أن يقال: إن المصرف الآخذ قد وكل المصرف الثاني في دفع المبلغ المذكور في الصك إلى من ذكر اسمه فيه سواء أكان هو الطالب أم الشخص الآخر الذي عينه وهذا التوكيل مصرح في الصك بما يدل عليه، وإنما سلم هذا الصك لطالب التحويل تمكينا له من استيفاء حقه.
وإن اعتبار ذلك وكالة بهذا التصوير الثاني هو الأقرب وعليه يكون وكالة جائزة شرعا وتكون عملية التحويلة مركبة من قرض ووكالة إذا استوفى المحول بنفسه أو من قرض ووكالتين إذا كان المستوفي هو الشخص الآخر الذي عينه المحول فهو وكيله في الاستيفاء.
وإنما قلنا: إن تقدير الوكالة هنا أقرب من تقدير الحوالة لأن الحوالة الشرعية ثمرتها براءة ذمة المحيل من الدين، وليست للتحويل المصرفي هذه الثمرة لأن المصرف الآخذ يبقى مدينا بدين القرض ولا يبرأ منه إلا بتوفية المصرف الآخر. يضاف إلى ذلك أن المصرف الثاني قد يكون غير مدين للمصرف الأول فلا يصح أن يكون محالا عليه شرعا عند الجمهور (إلا