العظيمة بينهما عند جميع العقلاء - وإنما يقيس هذا القياس المخرفون.
وإن كان هو يزعم في صفحة ١٥٥ أن هذا التفريق لم يعرف إلا عن ابن تيمية وأن السلف لم يفرقوا ولم تفرق الأدلة بينهما وكأنه لم يقرأ ما ذكره العلماء في هذا الموضوع وما ذكره ابن تيمية في كتاب التوسل والوسيلة عن السلف والأئمة في ذلك، أو أن تحامله عليه أنساه ذلك. ثم إنه نسب إلى السلف ما لم يقولوه وحمل الأدلة ما لا تحمله، ولم يأت بدليل واحد على ما قال وأنى له ذلك.
والواجب أن الباحث أمثال الدكتور البوطي لا يخطئ شخصا ويتحامل عليه حتى يقرأ كلامه وينظر في مستنداته حتى يعرف هل هو مخطئ أو مصيب هذا هو الإنصاف والعدل - ولا ننسى أن الدكتور البوطي له هنات في غير هذا الكتاب حول هذه المسألة قد قام بالرد عليها الشيخ محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله. ثم إنه في صفحة ١٤٦ يهون من شأن هذه المسألة ويقول: هي أقل من أن تصدع المسلمين أو تجعل منهم مذهبيين. وأقول: كلا والله إنها لمسألة خطيرة تمس صميم العقيدة وتجر إلى الشرك فكيف تكون هينة.
وفي صفحة ١٥٠، ١٥٧ أدخل تحت بدعة التزيد في العبادة الأذان الأول ليوم الجمعة الذي أمر به عثمان رضي الله عنه لما دعت الحاجة إليه.
وهذا منه خطأ واضح فإن عثمان رضي الله عنه من الخلفاء الراشدين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين (١)» ففعله هذا يعتبر سنة لا بدعة وتزيد، حاشاه من ذلك رضي الله عنه وأرضاه. وهذا ينسينا ما قاله في حق شيخ الإسلام ابن تيمية أنه ابتدع التفريق بين حالة الحياة والموت. إذ إن الخليفة الراشد عنده قد ابتدع وتزيد في الدين.
(١) سنن الترمذي العلم (٢٦٧٦)، سنن ابن ماجه المقدمة (٤٤)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٢٦)، سنن الدارمي المقدمة (٩٥).