للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- صلى الله عليه وسلم- بقتل الكلاب حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبها لتقتله، ثم نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتلها وقال: عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان (١)». وروى مسلم أيضا عن عبد الله بن المغفل قال: «أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب ثم قال: ما بالهم وبال الكلاب ثم رخص في كلب الصيد وكلب الغنم (٢)» فإذا كان هذا في الكلاب التي لا ينتفع بها بل قد يكون ضررها محققا كتنجيسها للشوارع ونحوها. . فكيف بالحمر بحجة أنه لا ينتفع بها؟

وعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى أن تصبر بهيمة أو غيرها للقتل (٣)» متفق عليه. وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا (٤)» متفق عليه. وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا (٥)». . رواه مسلم. وقال النووي قال العلماء: صبر البهائم أن تحبس وهي حية لتقتل بالرمي ونحوه - وهو معنى لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا - أي لا تتخذوا الحيوان الحي غرضا ترمون إليه كالغرض من الجلود وغيرها وهذا النهي للتحريم. . ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - في رواية ابن عمر التي بعد هذه: «لعن الله من فعل هذا (٦)». ولأنه تعذيب للحيوان وإتلاف لنفسه وتضييع لماليته وتفويت لذكائه إن كان مذكى ولمنفعته إن لم يكن مذكى. وعن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر عليه حمار وقد وسم في وجهه قال: لعن الله الذي وسمه (٧)». . رواه مسلم.

فهذه الأحاديث ونظائرها دالة على - تحريم قتل كل ذي روح - لاتخاذها غرضا. . فكيف بقتل الحمر بدون غرض لذلك؟ ودعوى إيذائها وعدم الانتفاع بها ليس مبررا في قتلها كالكلاب حيث لا ينتفع بها والميؤوس منه لمرضه وعجزه لا أذى فيه. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «أن نملة قرصت نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه أفي إن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح (٨)». وفي بعض الأحاديث:


(١) صحيح مسلم المساقاة (١٥٧٢)، سنن أبو داود الصيد (٢٨٤٦)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٣٣).
(٢) صحيح مسلم الطهارة (٢٨٠)، سنن النسائي الطهارة (٦٧)، سنن أبو داود الطهارة (٧٤)، سنن ابن ماجه الصيد (٣٢٠١)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٨٦).
(٣) صحيح البخاري الذبائح والصيد (٥٥١٤)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٩٤).
(٤) صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (١٩٥٨)، سنن النسائي الضحايا (٤٤٤١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٤١).
(٥) صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (١٩٥٧)، سنن الترمذي الأطعمة (١٤٧٥)، سنن النسائي الضحايا (٤٤٤٣)، سنن ابن ماجه الذبائح (٣١٨٧)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٩٧).
(٦) صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (١٩٥٨)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٤١).
(٧) صحيح مسلم اللباس والزينة (٢١١٧)، سنن أبو داود الجهاد (٢٥٦٤).
(٨) صحيح البخاري الجهاد والسير (٣٠١٩)، صحيح مسلم السلام (٢٢٤١)، سنن النسائي الصيد والذبائح (٤٣٥٨)، سنن أبو داود الأدب (٥٢٦٦)، سنن ابن ماجه الصيد (٣٢٢٥)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٠٣).