للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمية لا نكتب ولا نحسب (١)» هو خبر تضمن نهيا فإنه أخبر أن الأمة التي اتبعته هي الأمة الوسط أمة لا تكتب ولا تحسب فمن كتب أو حسب لم يكن من هذه الأمة في هذا الحكم بل يكون قد اتبع غير سبيل المؤمنين الذين هم هذه الأمة فيكون قد فعل ما ليس من دينها والخروج عنها محرم منهي عنه فيكون الكتاب والحساب المذكوران منهيا عنهما.

وقال - رحمه الله -: فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا أيتها الأمة الأمية لا نكتب هذا الكتاب ولا نحسب هذا الحساب فعاد كلامه عليه السلام إلى نفي الحساب والكتاب فيما يتعلق بأيام الشهر الذي يستدل به على استسرار الهلال أو طلوعه ثم قال: لا نحتاج في أمر الهلال إلى كتاب ولا حساب إذ هو تارة كذلك وتارة كذلك - يعني تسعة وعشرين وثلاثين- والفارق بينهما الرؤية فقط ليس بينهما فرق آخر من كتاب ولا حساب كما سنبينه فإن أرباب الكتاب والحساب لا يقدرون على أن يضبطوا الرؤية بضبط مستمر وإنما يقربون ذلك فيصيبون تارة ويخطئون أخرى. وظهر بذلك أن الأمية المذكورة صفة مدح وكمال من وجوه: فمن جهة الاستغناء عن الكتاب والحساب بما هو أبين منه وأظهر وهو الهلال ومن جهة أن الكتاب والحساب هنا يدخلهما الغلط، وبعد كلام حول الحساب والجداول والتقويم والتعديل قال: ولهذا ما زال العلماء يعدون من خرج إلى ذلك قد أدخل في دين الإسلام ما ليس منه، إلى أن قال وما جاءت به الشريعة هو أكمل الأمور وأحسنها وأبينها وأصحها وأبعدها عن الاضطراب وذلك أن الهلال أمر مشهود مرئي بالإبصار. . ومن أصح المعلومات ما شوهد بالإبصار. . ثم ذكر أن الطريق لمعرفة الهلال الذي تتعلق به الأحكام مثل صيام رمضان الرؤية فقط بالسمع والعقل وسرد الأدلة على ذلك. أما أهل الحساب فقال عنهم- رحمه الله- بأن العقل يؤكد عدم انضباط حسابهم فذكر ما نصه: وأما العقل فاعلم أن المحققين من


(١) صحيح البخاري الصوم (١٩١٣)، صحيح مسلم الصيام (١٠٨٠)، سنن النسائي الصيام (٢١٤٠)، سنن أبو داود الصوم (٢٣١٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٣).