للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أثر على نفس الإنسان وعلى موقفه من عبادته فلا بد من اتهام الرأي أو مراجعته والتشاور وسؤال من له علم أو عليه مسؤولية قبل تجشم الموضوع بما يثير توجسات نحو من أثار تلك الزوبعات وهل وراءه من يدفعه؟ إذ إن تلك المواقف تدعو لذلك وتحمل على التساؤل عن الكاتب وأفكاره والصحيفة ومنهجها ودوافعها. ومع ذلك فإننا نحسن بهم الظن ونتمنى لهم التبصر والبصيرة ولنا كذلك، إذ الفقه في الدين والبصيرة فيه أعظم حصيلة يدركها المرء في هذه الحياة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الحديث المتفق عليه: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (١)»، ومن أراد الله به الخير فماذا يفوته بعد ذلك إذ الفقه في الدين كنز عظيم ونور يهتدي به المرء عند اختلاط الآراء واختلاف الأفهام نسأل الله أن يجعلنا وإخواننا من هؤلاء.

بقي أن أشير إلى أن العلماء لا يرون أي مانع من الأخذ بالرؤية عن طريق المرصد أو بالآلات الخاصة مع الأفراد أو الجماعات وبأي طريقة وإنما المهم أن تتحقق هذه الرؤية البصرية ومع ذلك فلا يجب التكلف والتمحل مادام أن رسولنا - صلى الله عليه وسلم - ندبنا إلى التيسير وحذرنا من التعسير والتنفير فقال في الحديث الصحيح: «إنما بعثتم ميسرين (٢)» وقال لمعاذ وأبي موسى - رضي الله عنهما-: «يسرا ولا تعسرا (٣)» وحذر من الاختلاف وبين أن الفطر يوم يفطر الناس والصوم يوم يصومون والأضحى يوم يضحون ومن هذا التوجيه العظيم أخذ أهل العلم- رحمهم الله- كثيرا من أحكام التيسر وفرعوا على ذلك صورا عديدة ليس المقام مقام ذكرها ولاشك أنه قد لا يرضى هذا الموقف من أهل العلم- رضي الله عنهم- بعض المتعالين ولكن عذرهم قائم كما قال الخليل:

جهلت مقالتي فعذلتني ... وعلمت أنك جاهل فعذرتك

أو ما في معناه.


(١) صحيح البخاري العلم (٧١)، صحيح مسلم الإمارة (١٠٣٧)، سنن ابن ماجه المقدمة (٢٢١)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٩٣)، موطأ مالك كتاب الجامع (١٦٦٧)، سنن الدارمي المقدمة (٢٢٦).
(٢) صحيح البخاري الوضوء (٢٢٠)، سنن الترمذي الطهارة (١٤٧)، سنن النسائي الطهارة (٥٦)، سنن أبو داود الطهارة (٣٨٠)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٣٩).
(٣) صحيح البخاري المغازي (٤٣٤٢)، صحيح مسلم الأشربة (١٧٣٣)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٤١٧).