للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول سبحانه وتعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (١) {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} (٢) {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (٣)

تنطلق من المساجد أصوات الآذان خمس مرات كل يوم تدعو المسلمين إلى اللقاء الروحي بالله -عز وجل- لذكره وشكره على نعمائه والاستزادة من فضله تعالى.

إنه إذا أمعنا النظر نجد أن المسجد مكان لتجديد الصلة بالله تعالى هو مكان للسجود.

لقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتلقى كثيرا عن ربه الوحي بعد الهجرة وهو في المسجد، وفي المسجد كان -صلى الله عليه وسلم- يعلم المسلمين أحكام دينهم. فالمسجد بالنسبة للمسلمين هو كذلك مكان لتلقي تعاليم الدين وتعليمه، بل كانت الأمور الدنيوية كذلك تناقش طبق الإسلام في المسجد. ومن المسجد كانت تذاع الإعلانات والأخبار التي تهم أمور المسلمين وحياتهم المادية والمعنوية. هو مكان للتوعية والتربية للجيل الناشئ.

إن التراث الإسلامي من المصادر والمراجع هو عنصر هام في مجال التربية والتوعية الإسلامية، وبما أن المسجد كذلك مكان لتلقي وتعليم الثقافة والتربية الإسلامية، فيجب أن تكون للمسجد مكتبة زاخرة بكل فروعها وملحقاتها ونظمها حتى يقوم المسجد تماما بدوره الإيجابي الذي كان عليه في عصوره الزاهرة.

هذا كما يجب أن تقوم شئون الأوقاف بالمسجد بضمان ماديات حياة المتفرغين للعلم مدرسين ومتعلمين حتى لا تشغلهم مطالب الحياة عن اشتغالهم بالتدريس أو التعلم. وذلك في صورة منح دراسية أو في صورتها.

وفي المسجد بيت المال يقوم بدور فعال في إنقاذ المجتمع الإسلامي من سؤال الأجانب. وهو عامل كبير في رفع الشخصية الإسلامية؛ وذلك لأن مشاكل الحياة المادية قد تكفلها المسلمون للمحتاجين إليها عن طريق هذه المؤسسة. وقد كان المسجد أيضا دارا للقضاء فكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتخذه مكانا للبت في قضايا المسلمين وشئون المجتمع والدولة. كذلك في عصور الخلفاء الراشدين، حتى أن وفود الملوك يجري استقبالهم في المسجد. بالجملة كانت النشاطات الدينية والمدنية نابعة من المسجد. وهذا كان له أثره في تلوين مجالات الحياة البشرية بالأخلاق الفاضلة، مما جعل حياة البشر عموما تشعر بالحياة الهادئة تحت ظل الحضارة الإسلامية.

وهناك أمور أخرى كثيرة تقوم بها المساجد، مما يعود نفعه على المسلمين والحضارة الإسلامية، لا نوضحها هنا خوف الإطالة.


(١) سورة النور الآية ٣٦
(٢) سورة النور الآية ٣٧
(٣) سورة النور الآية ٣٨