للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (١). ظني الدلالة من وجهين:

الأول: يحتمل أن يراد بها سارق القليل أو الكثير وهذا ما ذهب إليه ابن حزم الظاهري (٢).

ويحتمل أن يراد بها سارق النصاب فلا تقطع يد من سرق دون النصاب وهذا مذهب الأئمة الأربعة وهو الصحيح لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا (٣)».

الثاني: الآية تحتمل أن يراد بها قطع يد السارق من الكتف أو المرفق أو مفصل الكف، والصحيح الاحتمال الأخير لدلالة فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - (٤).

وقد تكون الآية الواحدة قطعية الدلالة من وجه وظنية الدلالة من وجه آخر مثال ذلك قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (٥).

فالآية قطعية في دلالتها على عدد الجلدات (المائة) وظنية الدلالة من جهة أخرى فإن لفظ (الزانية) عام يشمل المحصنة وغير المحصنة وكذا لفظ (الزاني) عام يشمل المحصن وغير المحصن وثبت بالدليل أن الآية خاصة بغير المحصنين. أما من أحصن أو أحصنت فعقوبتهما الرجم لقول الرسول - عليه الصلاة والسلام -: «والثيب بالثيب جلد مائة والرجم (٦)».


(١) سورة المائدة الآية ٣٨
(٢) المحلى لابن حزم ١٣/ ٣٥٠
(٣) رواه البخاري في كتاب الحدود باب قوله تعالى: (والسارق والسارقة) ٨/ ١٦ - ١٧
(٤) انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٦/ ١٧١
(٥) سورة النور الآية ٢
(٦) رواه مسلم في كتاب الحدود باب حد الزنى ٣/ ١٣١٦