للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوسيلة حماية الحقوق هي القضاء وهذا لا يتغير ولا يتبدل لكن هل يتولى الأمر قاض واحد أو أكثر فهذا مما يمكن أن يندرج تحت القاعدة المذكورة فيتغير بتغير الأزمان فيجعل ثلاثة قضاة بدلا من واحد لفساد ذمم الناس.

ومن أمثلة ذلك أيضا أن الإسلام جاء بمبدأ عام في الشورى فقال تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} (١). وقال: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} (٢).

فهاتان الآيتان قررتا حكما وهو مشروعية الشورى ووجوبها، لكن جاءت بأسلوب مرن بحيث يمكن أن يتغير أسلوب الشورى من عصر إلى عصر فلم يكن في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - أناس متفرغون لهذا الأمر ويمكن في عصرنا أن يخصص ولي الأمر عددا من العلماء ويفرغهم للمشورة وهذا لا يعني تغيير الحكم وإنما الذي تغير وسيلة التطبيق وهذا كله انطلاقا من اختيار الوسيلة التي تحقق المقصد الشرعي للحكم وهو جلب مصلحة أو تكميلها أو دفع مفسدة أو تقليلها (٣).

ومن أمثلة الأحكام التي يمكن أن تتغير تبعا لتغير عرف الناس لاختلاف الأزمان والبيئات: (٤):

١ - تقسيم مهر المرأة إلى معجل ومؤجل في الزواج ومقدار كل قسم إذا لم ينص عليه في عقد الزواج يحكم فيه العرف. وهذا قد يتغير من زمان لآخر ومن مكان لآخر.

٢ - تضمين الوديع الوديعة بالتعدي أو التقصير وهذا الحكم لا يتغير ولا يتبدل. لكن يرجع إلى العرف لتحديد معنى التعدي أو


(١) سورة الشورى الآية ٣٨
(٢) سورة آل عمران الآية ١٥٩
(٣) انظر المدخل الفقهي للزرقا ٢/ ٩٢٥
(٤) انظر المدخل الفقهي للزرقا ١/ ١٣٦، وانظر درر الحكام شرح مجلة الأحكام ١/ ٤٣