للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥ - قال تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} (١) {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ} (٢).

واليسر ورفع الحرج في الشريعة الإسلامية راجع إلى الوسطية والاعتدال في الدين الإسلامي الثابت بقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (٣)

وكلما كان العمل بعيدا عن الإفراط والتفريط وافق أحكام الشرع.

والحرج الذي نصت الآيات المذكورة على رفعه هو كل أمر أدى إلى مشقة زائدة في البدن أو النفس أو المال حالا أو مآلا (٤). أما ما كان فيه مشقة معتادة فإنه لا حرج فيه لأنه لا يخلو حكم تكليفي من نوع مشقة لكنها محتملة ومن هنا سمي الحكم تكليفيا بل حتى المتع الدنيوية المحضة لا بد فيها من نوع مشقة فمن أراد أن يذهب في رحلة هو أولاده يلزمه إعداد الطعام والشراب ووسيلة النقل وتهيئة مكان مناسب. . إلى غير ذلك. إلا أنه يجب أن نلاحظ أن المشقة غير مقصودة في الفعل لذاتها بل المقصود امتثال ما أمرنا الله به واجتناب ما نهانا عنه ولعل الحكمة من اشتمال الفعل على نوع مشقة لتحقق الابتلاء ليتميز المطيع من العاصي والمحسن من المسئ كما أن في ذلك نوع تربية للنفس والبدن.

وإذا رافق الفعل مشقة زائدة فإن هذه المشقة تدفع بعد النظر في سببها. فإن كانت من الفعل ذاته سقط وجوب الفعل أو حرمته إلى حين زوال المشقة. فلا يجب الصيام على المسافر ولا يجب الجهاد على الأعمى


(١) سورة الأحزاب الآية ٣٧
(٢) سورة الأحزاب الآية ٣٨
(٣) سورة البقرة الآية ١٤٣
(٤) رفع الحرج، د. صالح بن حميد، ص٤٨.