للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالنسخ لغة: هو الإزالة والإبطال والتغيير، والنقل والتحويل، ونسخه كمنعه: أزاله وغيره وأبطله، وأقام شيئا مقامه، ونسخ الكتاب، أي نقله عن معارضه، ونسخ النحل عن الخلية حوله إلى غيرها. ونسخت الشمس الظل بمعنى أزالته.

أما في الاصطلاح فقد عرفه الأصوليون بعدة تعريفات منها:

ما عرفه صاحب المنار "بأنه بيان لمدة الحكم المطلق" وفسره ابن ملك بأنه بيان انتهاء مدة الحكم الشرعي (١).

وعرفه ابن الحاجب من الجمهور بأنه رفع الحكم الشرعي بدليل متأخر (٢).

فبإمعان النظر بين التعريفين السابقين يتضح أن هناك تغايرا بين الأمرين؛ إذ بيان مدة انتهاء الحكم، غير رفع الحكم، وقد أوضح ذلك التلمساني في مفتاح الوصول بمثال أورده، فقال: والفرق بينهما في المثال: أن من استأجر دارا سنة فتمت السنة، فيقال: قد انتهى عقد الإجارة ولا يقال: ارتفع، ولو تهدمت الدار في أثناء السنة لقيل: ارتفع العقد، ولا يقال: انتهى، والرفع يقتضي كون الرافع أقوى من المرفوع لاستحالة أن يرفع الأضعف، ما هو أقوى منه، وأما الانتهاء فلا يلزم منه ذلك؛ لأن المنتهي ينتهي بنفسه ولا يلزم أن يكون ما ينتهي إليه أقوى منه (٣).

وقد دفع هذا الزنجاني إلى اعتبار هذا الفارق سببا للخلاف بين المنهجين، فقال: واعلم أن هذه المسألة من المسائل اللفظية في الأصول، فإن الخلاف مبني على الخلاف في حقيقة النسخ، وماهيته، فحقيقة النسخ عندنا: رفع الحكم الثابت، وعندهم بيان لمدة الحكم، فإن صح تفسير


(١) النسفي: المنار مع شرحه لابن مالك وحواشيه ص٧٠٨ - ٧٠٩.
(٢) ابن الحاجب: مختصر المنتهى مع شرح العضد عليه جـ٢ ص١٨٥.
(٣) الشريف التلمساني: مفتاح الوصول في علم الأصول ص١٣٣.