للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو قيل ألا فيذهب المعلم الناصح الحامل لرسالة المسجد إلى هؤلاء ولينصحهم في عقر دارهم، فلو قدر لهذا الناصح الدخول مثلا على منحه الاقتصاد قوة القفز العالي لأرقى قمم الثروة المصرفية أو العمل الصناعي الضخم الفخم لرأيت ذهاب هذا المصلح ضائعا إلى حد كبير. ذلك أن المهام الحيوية ذات الأوزان الثقيلة التي يباشرها هذا الثري لم تعطه الوقت الكافي، فانظر إلى واقعه، إلى جانبه المستشارون حولهم المكاتب والآلات الحاسبة، إلى يمين مكتبه وشماله أجراس الهاتف، وحاجبه يناديه لتلبية التكلس (١) ويتعاكس مردود هذه القوى حتى يقول الناظر بحق: هذا الغريق في الثروة ما العمل؟. . ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، أيكون لهذا قلوب تنازعتها الأعمال، أم هو يحمل فوق طاقته فليس عنده من الزمن في نظره ما يجلس به مع هذا المعلم، فضلا عن تثاقله في الذهاب إلى المسجد، فضلا عن التفرغ للتخطيط والتنهيج والتفكير بحاجات المسجد، فهو في عمل رتيب ليل نهار قد أخذ عليه العمل ساحات تفكيره، ونهب قواه واستولى عليه أخطبوط الفتنة بالمال والثروة، فهو غني بماله فقير بمشاريع الخير.

ولئن سلم البعض من هذا الأخطبوط، ولكن لم يسلم الكثير والكثير. . . فمن الذي ينزل إلى المسجد ويرى ضرورة تزويد المسجد بالطاقات الاقتصادية البناءة، لنجعل المسجد محور النشاط ومركز التوجيه الفكري والإعلامي لتأدية رسالته على الصعيدين المحلي والعالمي.

من منا أيها السادة لا يرى الضرورة الملحة بتقدير هذا الهدي النبوي «نعما بالمال الصالح للرجل الصالح (٢)» من منا لا يرى ضرورة تنفيذ هذا البيان النبوي الرائع المعجز إذ يقول صلوات الله وسلامه عليه «لا بد للمؤمن في آخر الزمان من الدرهم والدينار يقوم بهما أمر دينه».

من الذي سيعير جناحه الاقتصادي لرجل المسجد ولرسالة المسجد حي يلتقي الداعي إلى الله مع أفراد المجتمع بالدواء والبلسم الشافي على مراحل وئيدة ومناهج بعيدة عن الشدة والغلظة طبق المناهج التي هدانا إليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مراحل الدعوة المختلفة فنجت الأمة العربية بفضلها بعد أن كانت على شفا جرف هار وبلغت السبق وخلفت وراءها كل سابق في القديم أو الحديث.

لقد ضاق وقت هذا الثري عن ولده وأهله وخويصة نفسه، فرأيت البيت مهيض الجناح، مكسور الخاطر، مهضوم الحقوق، حتى لتكاد صحة هذا الاقتصادي تشكو إلى بارئها ضعف صاحب هذا المال عن مراعاة قواعد الصحة والسلوك في تأمين بعض الوقت لراحته، والإفراج عن نفسه بعض الوقت أيضا لاسترداد قوته فعلى ضوء هذا القلم الإحصائي لمسيرة وقته ومسار عمله أتراه هذا حاملا لرسالة المسجد؟. . .


(١) Telex
(٢) رواه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في المستدرك، وابن سدر والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان - عن عمرو بن العاص والحديث بمجموعه يا عمرو إني أريد أن أبعثك على جيش فيغنمك الله ويسلمك، وأرغب لك في المال رغبة صالحة، يا عمرو نعما بالمال الصالح للرجل الصالح.