الحاجة قائمة بما هو لله، وما هي لغير الله، حتى لا يقدم لله ما هو لغيره وما هو لغير الله لله.
٨ - هل الذي يرفع ويكشف الضر عن الناس هو يستطيع جلب الضر إلى الناس، أو هو يكشف الضر دون جلبه فقط، فإذا كان يتولى كشف الضر فقط، فمن الذي يوقع الضرر؟
٩ - فالحاصل لو فرضنا إن كان الله هو الذي يأتي بالضرر وغيره يكشف الضر، فإذا أراد الله أن يأتي بضر وأراد غيره أن يدفعه، وكل مصر على ما يريد، فمن المنتصر؟
١٠ - إذا أراد أن يصلي على محسن أو مسيء، فمن تطلب منه المغفرة؟
الجواب: إن الله تعالى وحده هو الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، وهو وحده الذي يسمع دعاء الداعين أينما كانوا، وبأي لغة تكلموا، بل يجيب دعاءهم بلسان الحال، عقلاء أم غير عقلاء، وهو وحده الذي يضر وينفع حقيقة، أما ما يحصل ممن سواه فهو من الأسباب العادية التي مكن الله منها لعباده وأقدرهم عليها ففعلوها بتوفيق من الله تعالى، ورتب عليها مسبباتها، فللطبيب مثلا تشخيص الأمراض ووصف الدواء بتوفيق من الله، وإلى الله وحده الشفاء، وللحراث حرث الأرض وبذر الحب والسقي بهداية وتوفيق من الله، وإلى الله وحده ترتيب النتائج، وإيجاد المسببات بإنبات المزروع والأشجار، وإيجاد الحبوب والثمار، إلى أمثال هذا من الحوادث.
١ - وعلى هذا فليس هناك أحد غير الله يفرج الكربة حقيقة، ولكن قد يكون هناك من جعله الله سببا في ذلك، كالطبيب والحراث فيما تقدم، فيكون تفريج الكربة من الله بسبب المخلوق بتوفيق من الله، وليس هناك أحد غير الله يسمع الداعي من مسافة بعيدة ويجيبه، ولا ميت يسمع دعاء من يدعوه ويضرع إليه، ولو سمعه ما استجاب له، قال الله تعالى:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ}(١)