للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي سنة عشر الهجرية، أسلم باذان عامل كسرى على اليمن وبعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامه (١)، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جمع لباذان الفارسي حين أسلم وأسلمت اليمن عمل اليمن كلها، وأمره على جميع مخاليفها، فلم يزل عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام حياته، فلم يعزله عنها ولا عن شيء منها، ولا أشرك معه شريكا حتى مات باذان، فلما مات فرق عمل اليمن بين جماعة من أصحابه، وكان ذلك سنة عشر الهجرية بعد حجة الوداع، فكان من عماله عليه الصلاة والسلام أبو موسى الأشعري (٢)، وبهذا أصبح أبو موسى عاملا من عمال النبي صلى الله عليه وسلم (٣).

ولكن أبا موسى الأشعري، قبل أن يصبح عاملا من عمال النبي صلى الله عليه وسلم، كان رسولا من رسله إلى ملوك زمانه، أو ما نطلق عليه في المصطلحات السياسية الحديثة: سفيرا من سفراء النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أرسل أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل إلى جملة اليمن داعين إلى الإسلام، فأسلم عامة أهل اليمن: ملوكهم، وسوقتهم (٤) ". نستدل من ذلك، أن أبا موسى كان في اليمن حين توفي باذان الفارسي، ففرق النبي صلى الله عليه وسلم عماله على مخاليف اليمن، فالتحق أبو موسى بمنصبه الجديد عاملا بالإضافة إلى واجبه الأصلي سفيرا وقاضيا ومرشدا وداعيا إلى الإسلام، يعلم الناس القرآن وشرائع الإسلام، ويقبض الصدقة، ويوزعها على مستحقيها من أهل مخاليفه، ويرسل تبقي منها إلى عامل العمال معاذ بن جبل (٥)


(١) الطبري (٣/ ١٥٨)، وباذان = باذام، وانظر ما جاء على باذان في: أسد الغابة (١/ ١٦٣).
(٢) الطبري (٣/ ٢٢٧ - ٢٢٨).
(٣) انظر أسماء عماله عليه الصلاة والسلام في: أنساب الأشراف (١/ ٥٢٩).
(٤) تهذيب الأسماء واللغات (١/ ٣٠).
(٥) أنساب الأشراف (١/ ٥٢٩).