للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد بين لنا شيخ الإسلام ابن تيمية أعذار الأئمة في ترك بعض الأحاديث النبوية أثناء اجتهاداتهم ووضح أنها ثلاثة أصناف: (١).

أحدها: عدم اعتقاد المجتهد من الأئمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث.

الثاني: عدم اعتقاده إرادة تلك المسألة بذلك القول.

الثالث:: اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ.

وهذه الأعذار الثلاثة تتفرع إلى أسباب متعددة.

- السبب الأول: أن لا يكون الحديث قد بلغه، ومن لم يبلغه الحديث لم يكلف أن يكون عالما بموجبه.

وهذا السبب هو الغالب على أكثر ما يوجد من أقوال السلف مخالفا لبعض الأحاديث.

وقد فات على كثير من العلماء بعض الأحاديث فلم يعلموا بها وكذلك أيضا إحاطة واحد من الصحابة بجميع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فهذا لا يمكن ادعاؤه لأنهم بشر ولهم طاقة.

وهو صلى الله عليه وسلم كثيرا ما كان معه صاحباه أبو بكر وعمر في أوقات كثيرة، ثم مع ذلك لما «سئل أبو بكر عن ميراث الجدة قال: ما لك في كتاب الله من شيء، وما علمت لك من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من شيء، ولكن اسأل الناس فسألهم، فقام المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة فشهدا أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس (٢)» وكذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يكن يعلم بسنة الاستئذان حتى أخبره بها أبو موسى واستشهد بالأنصار.


(١) أصول الفقه لابن تيمية ٢/ ٢٣٢ وما بعدها (الفتاوى مجلد ٢٠).
(٢) الحديث في الترمذي (كتاب الفرائض ١٠)، سنن ابن ماجه (كتاب الفرائض ٤) والحديث " أن رسول الله صلى الله علي وسلم ورث جدة سدسا"، والموطأ (كتاب الفرئض).