للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأرض، قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: وكم بينهما؟ قال: أربعون عاما، قلت: ثم أي؟ قال: ثم حيث أدركتك الصلاة فصل فإنه مسجد (١)».

فبين عليه الصلاة والسلام أن أول بيت وضع للناس هو المسجد الحرام، وهو وضع للعبادة والتقرب إلى الله عز وجل كما قال أهل العلم. وهناك بيوت قبله للسكن، ولكن المقصود أنه أول بيت وضع للعبادة والطاعة والتقرب إلى الله عز وجل بما يرضيه من الأقوال والأعمال، ثم بعده المسجد الأقصى بناه حفيد إبراهيم يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، ثم جدده في آخر الزمان بعد ذلك بمدة طويلة نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك كل الأرض مسجد.

ثم جاء مسجد النبي عليه الصلاة والسلام وهو المسجد الثالث في آخر الزمان على يدي نبي الساعة محمد عليه الصلاة والسلام، فبناه بعدما هاجر إلى المدينة هو وأصحابه رضي الله عنهم، وأخبر عليه الصلاة والسلام أنه أفضل المساجد بعد المسجد الحرام، فالمساجد المفضلة ثلاثة: أعظمها وأفضلها المسجد الحرام، ثم مسجد النبي عليه الصلاة والسلام ثم المسجد الأقصى، والصلاة في هذه المساجد مضاعفة، جاء في الحديث الصحيح أنها في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، وجاء في مسجده عليه الصلاة والسلام أن الصلاة في مسجده خير من ألف صلاة فيما سواه، وجاء في المسجد الأقصى أنها بخمسمائة صلاة، وهي المساجد العظيمة المفضلة، وهي مساجد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

وشرع الله جل وعلا الحج لعباده لما في ذلك من المصالح العظيمة، وأخبرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - أن الحج مفروض على العباد المكلفين المستطيعين السبيل إليه كما دل عليه كتاب الله عز وجل في قوله سبحانه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (٢).


(١) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (٣٣٦٦)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٥٢٠)، سنن النسائي المساجد (٦٩٠)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (٧٥٣)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ١٥٦).
(٢) سورة آل عمران الآية ٩٧