للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباده ولا شك أن نور الرسالة والهداية من الله، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (١) {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (٢) {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} (٣) آخر سورة الشورى.

وليس هذا النور مكتسبا من خاتم الأولياء كما يزعمه بعض الملاحدة، أما جسمه صلى الله عليه وسلم فهو دم ولحم وعظم. . . . . إلخ خلق من أب وأم ولم يسبق له خلق قبل ولادته، وما يروى أن أول ما خلق الله نور وجهه، وأن هذه القبضة هي محمد صلى الله عليه وسلم ونظر إليها فتقاطرت فيها قطرات فخلق من كل قطرة نبيا، أو خلق الخلق كلهم من نوره صلى الله عليه وسلم، فهذا وأمثاله لم يصح منه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم. ص٣٦٦ وما بعدها من مجموع الفتاوى لابن تيمية الجزء الثامن عشر.

خامسا: القول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس بشرا مثلنا يحتمل حقا وباطلا، وقد صدر منا فتوى في ذلك هذا نصها: هذه الكلمة مجملة تحتمل حقا وباطلا، فإن أريد بها إثبات البشرية للنبي صلى الله عليه وسلم، وأنه ليس مماثلا للبشر من كل وجه، بل يشاركهم في جنس صفاتهم فيأكل ويشرب، ويصح ويمرض ويذكر وينسى ويحيا ويموت ويتزوج النساء ونحو ذلك، ويختص بما حباه الله به من الإيحاء إليه وإرساله إلى الناس بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فهذا حق وهو الذي شهد به الواقع وأخبر به القرآن، قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (٤)


(١) سورة الشورى الآية ٥١
(٢) سورة الشورى الآية ٥٢
(٣) سورة الشورى الآية ٥٣
(٤) سورة الكهف الآية ١١٠