للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال سبحانه: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (١) والآيات في هذا المعنى كثيرة.

وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار (٢)»، والأحاديث في هذه المعنى كثيرة، فالواجب نصيحة هؤلاء الملاحدة ودعوتهم إلى الحق وتذكيرهم بمغبة كفرهم وأن مصيرهم النار إن لم يؤمنوا بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتبعوا ما جاء به ولكم من الله الأجر العظيم وحسن العاقبة، وأما زعم من ذكرت أنهم لا يقبلون إلا ما يقتضيه العقل، فينبغي أن يبين لهم بلغتهم التي يفهمونها أن العقل غير معصوم وأن عقول الناس مختلفة؛ فلهذا جاء شرع الله المطهر ليوم الاعتماد عليها، وإنما يعتمد على ما دل عليه كتاب الله لكونه الحق الذي ليس بعده حق؛ ولأنه لا أصدق من الله سبحانه؛ ولأنه أعلم بأحوال عباده ثم ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا ينطق عن الهوى {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (٣) ولأن كتاب الله {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} (٤)؛ ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم معصوم من الخطأ في كل ما يبلغه عن الله سبحانه؛ ولهذا أمر الله عز وجل بكتابه العظيم بالرجوع إلى حكمه عند الاختلاف، وإلى كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (٥). وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (٦).


(١) سورة الأعراف الآية ١٥٨
(٢) صحيح مسلم الإيمان (١٥٣)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٥٠).
(٣) سورة النجم الآية ٤
(٤) سورة فصلت الآية ٤٢
(٥) سورة الشورى الآية ١٠
(٦) سورة النساء الآية ٥٩