وإنه لأبغض الناس إلي فما زال يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي. وقد أسلم وحسن إسلامه. ومن هذا القسم ما رواه أحمد بإسناد صحيح عن أنس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسأل شيئا على الإسلام إلا أعطاه، قال فأتاه رجل فسأله فأمر له بشاء كثيرة بين جبلين من شاء الصدقة، قال فرجع إلى قومه، فقال: يا قوم أسلموا، فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة (١)».
(ب) ومنهم من يخشى شره ويرجى بإعطائه كف شره وشر غيره معه، كما جاء عن ابن عباس:«أن قوما كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم، فإن أعطاهم من الصدقات مدحوا الإسلام، وقالوا: هذا دين حسن، وإن منعهم ذموا وعابوا».
(ج) ومنهم من دخل في الإسلام حديثا فيعطى إعانة له على الثبات على الإسلام. سئل الزهري عن المؤلفة قلوبهم، فقال: من أسلم من يهودي أو نصراني، وإن كان غنيا. قال: وإن كان غنيا. وكذلك قال الحسن: هم الذين يدخلون في الإسلام، وذلك أن الداخل حديثا في الإسلام قد هجر دينه القديم، وضحى بما له عند أبويه وأسرته، وكثيرا ما يحارب من عشيرته، ويهدد في رزقه، ولا شك أن هذا الذي باع نفسه، وترك دنياه لله تعالى جدير بالتشجيع والتثبيت والمعونة.
(د) ومنهم قوم من سادات المسلمين وزعمائهم، لهم نظراء من الكفار، إذا أعطوا رجي إسلام نظرائهم، واستشهد لذلك بإعطاء أبي بكر رضي الله عنه لعدي بن حاتم والزبرقان بن بدر، مع حسن إسلامهما؛ لمكانتهما في أقوامهما.
(هـ) ومنهم زعماء ضعفاء الإيمان من المسلمين، مطاعون في أقوامهم، ويرجى بإعطائهم تثبيتهم وقوة إيمانهم، ومناصحتهم في الجهاد وغيره، كالذين أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم العطايا الوافرة من غنائم هوازن، وهم بعض الطلقاء من أهل مكة، الذين أسلموا، فكان منهم المنافق، ومنهم ضعيف الإيمان
(١) صحيح مسلم كتاب الفضائل (٢٣١٢)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢٨٤).