للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما من نبي إلا وقد كان الإسلام هو معتقده، وهو ما يدعو قومه إليه، وقد خص الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم بهذا الدين؛ ليكون سمة لهم بين الأمم، وامتثالا لإرادة الله جل وعلا التي جاءت على لسان أبي الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام، عندما سمى خير الأمم وخاتمها أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالمسلمين فقال عز وجل: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} (١)، وعندما بنى الكعبة هو وابنه إسماعيل، عليهما السلام دعا ربه قائلا: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} (٢).

ذلك أن الإسلام مع كونه دين الفطرة، وهو دين العدالة الاجتماعية، وهو دين التوازن، وأمة حباها الله بالإسلام، وشرفها بالانتماء إليه، عليها أمانة الفهم، ودراية التطبيق، وفتح الصدور لإدراك ما تنطوي عليه شريعة هذا الدين من مصالح يؤمر المرء بها، ومفاسد يدرؤها الله عن البشر بزواجر هذا الدين، وحدوده الرادعة.

والجريمة واحدة من المفاسد الاجتماعية التي جاءت تعاليم الإسلام، ترسم للناس- قادة ومرءوسين - طريقا ممهدا، تحمي به المجتمعات من آفاتها، ومن تسلط ضعفاء النفوس على الآخرين مستغلين قدرتهم وحيلهم، وغفلة الناس أو ضعفهم أمامهم، فكان لولي الأمر، وبما أعطاه الله من سلطان في التتبع والإصلاح، وبما أيد به من حكم صادر عن شرع الله - أن يعمل جاهدا في حصر نطاق الجريمة بأضيق الحدود، وأن يتابع ببذل الطاقة للقضاء عليها، في منهجين مستمدين من تربية الإسلام، وحسن رعايته للفرد والجماعة، حيث اهتم التشريع الجنائي في الإسلام بذلك، وهما:

- الطرق الوقائية.

- أسلوب المكافحة.


(١) سورة الحج الآية ٧٨
(٢) سورة البقرة الآية ١٢٨