للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوجب عليه العقاب، أو القصاص في الدنيا والآخرة، والمعنى أنه لا يطالب بجناية غيره من أقاربه وأباعده، فإذا جنى أحدهم جناية لا يطالب بها الآخر، قال أبو عبيدة: قولهم: جانيك من يجني عليك، يضرب مثلا للرجل يعاقب بجناية، ولا يؤخذ غيره بذنبه، وإنما يجنيك من جنايته راجعة إليك، وذلك أن الأخوة يجنون على الرجل.

ويقال للرطب جنى، والكمأة تجنى، والذهب جنى، وتجنى فلان على فلان ذنبا: إذا ادعى ذنبا لم يفعله (١) وملخص الرأي اللغوي: التعدي على بدن أو مال أو عرض، وفي العرف مخصوصة بما يحصل فيه التعدي على الأبدان (٢)، يقال: جنى فلان ثمرة عمله الصالح، فالأول في الخير والثاني في الشر.

أما التعريف الشرعي، فيرى بعض الفقهاء أنها - أي الجناية - اسم لفعل محرم حل بمال أو نفس، كما قال بذلك ابن عابدين في حاشيته (٣)، ووافقه على هذا التعريف ابن خطاب من المالكية فإنه قال: الجناية ما يحدثه الرجل على نفسه أو غيره، مما يضر حالا أو مآلا (٤).

فالتعريف هنا عام في كل محرم حل بمال، كالسرقة والنصب ونحوهما، وفي كل محرم حل بالنفس كالزنا والقذف والشرب، وغير ذلك من المحرمات. والبهوتي من الحنابلة عرف الجناية: بأنها التعدي على البدن بما يوجب قصاصا أو مالا (٥)، ويعبر كثير من الفقهاء الشافعية عن الجناية بأنها الجراحات، فيقولون في كتبهم: كتاب الجراح، ويذكرون تحت ذلك بحث كل


(١) راجع تاج العروس ١٠: ٧٧ - ٧٨، ولسان العرب ١٨: ١٦٧ - ١٧٠.
(٢) حاشية الروض المربع لابن قاسم ٧: ١٦٤.
(٣) ٦: ٥٢٧.
(٤) راجع مواهب الجليل ٦: ٢٧٧.
(٥) انظر كشاف القناع ٥: ٥٨٥.