الجسم عنه، ذلك أن الأمراض أوبئة يحتاج الجسم إلى أن يحافظ صاحبه عليه، ويهتم به، ويراعي الجو المحيط به، ويقسر القادرون الناس - الذين لا يدركون البعد الصحي لأنفسهم - على ضرورة المحافظة على أجسامهم وأولادهم، الذين هم أمانة في أعناقهم؛ لأن الولاية والمسئولية في مناحي الحياة، لا تقل أهمية عن الناحية الصحية، وذلك باتباع أساليب السلامة التي تعين في الوقاية من المخاطر.
وأساليب السلامة كثيرة ومتنوعة، منها الصحي والمروري ومخاطر الطريق والحريق، وحماية الأطفال من الأمور الضارة التي لا يدركون خطرها كالأدوية والغازات والسموم؛ ولذا أنشئت لها في كثير من دول العالم مؤسسات، وعقدت الندوات، واهتم المختصون بتنظيمها، ووضع جزاءات رادعة لمن لم يبد اهتماما ومتابعة.
والجريمة آفة اجتماعية أكثر خطرا من الآفة الجسمانية، فكان اهتمام الإسلام بالوقاية منها أكثر من الأساليب الزجرية؛ لأن الزجر جزاء يوقع على من فسد ضميره، وعمي قلبه، فكان بمثابة تكثيف الدواء للجسم، أو إجراء العملية، بعدما استفحل المرض، فقد تكون النتائج إيجابية أو سلبية، وقد تكون بعض النتائج استرشادات يأخذ بها الأصحاء في تلافي أسباب المرض.
أما الوقاية فهي اهتمام فردي لمعرفة الأثر السيئ، وما يترتب عليه، ثم تهذيب النفس، ومدافعة نوازعها عن الانجذاب إلى الشر، وهذا الاهتمام الفردي يأتي من تفهم النصوص الشرعية لمن أعطاه الله قدرة وعلما، واستفادة من مجالس العلماء وحلقات الذكر، حيث أمر الله بالسؤال في قوله تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}(١). وبالاستجابة