للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حصنا منيعا يحمي الله به النفوس من مسارب الشرور والآفات، ويقف عمق معناها دون الانحدار إلى الرذيلة والاستسلام للجريمة.

فمن أدرك هذه الدلالة لا بد أن يحافظ على شعائر دينه، كما أمر الله من صلاة وزكاة، وصوم وحج، وإيمان بالله، ووقوف عند حدوده التي أبانها لعباده سبحانه وبحمده.

وكل أمر تشريعي في الإسلام يلمس من المستقرئ تحليلا يقي النفس أو المجتمع ضررا، تبين نتائجه بمعرفة المداخل عليه.

- فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يعطي مفهومها إدراك حقيقة الوحدانية مع الله فتمنح النفس البشرية رقابة تحجز عن الوقوع فيما يناقضها، فلا يصرف العمل لغير الله ولا يعبد بحق إلا الله، ولا يشرك معه غيره، فيما لا يصح صرفه إلا له سبحانه، كالدعاء والذبح والخوف والرجاء وغير ذلك من أنواع العبادات، كما قال سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (١).

فمشاركة المخلوق للخالق في العمل المصروف، ينفي تحقيق الوحدة لله جل وعلا، كما جاء في الحديث القدسي: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه (٢)».

والمشاركة مع الله في العبادة شرك حذر الله منه، وجعله البارئ جل وعلا من أشد العقوبات، كما قال تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} (٣).

والرقابة الذاتية في المحافظة على النفس، من إدراك دلالة كلمة الوحدانية


(١) سورة الجن الآية ١٨
(٢) صحيح مسلم الزهد والرقائق (٢٩٨٥)، سنن ابن ماجه الزهد (٤٢٠٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٠١).
(٣) سورة النساء الآية ٤٨