للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدون زيادة أو نقص، حيث المسلم المصدر في ذلك عن كيفية صلاته بحسن الاستجابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل قوله: «صلوا كما رأيتموني أصلي (١)» فهو صلى الله عليه وسلم مشرع للأمة، ومبلغ عن الله، ذلك أن الصلاة خضوع أمام الله، واستجابة لأمره؛ ولذا كانت من أعظم العبادات، المهذبة للطباع، والناهية عن المنكر، والرادعة عن طرق الغواية، كما قال جل وعلا: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (٢) وإدراك حقيقتها، واستحضار القلب عند أدائها، ثم أخذها سلاحا تحارب به النفس الشرور المحيطة، والآثام المتسلطة، ومنها الجريمة التي لا تتحرك في النفس، إلا من مدخل ضعف جاء من الإخلال بفرضية الصلاة، ونقص في مراقبة ما يجب أن تنتهي عنه النفس، من أمور تتباين مع منزلة الصلاة، ودورها في حماية النفس، ووقاية المجتمع من كل ما يضر به، فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لمن لا يطع الصلاة»، قال ابن كثير: وطاعة الصلاة أن تنهاه عن الفحشاء والمنكر، وقال سفيان: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ} (٣) قال: فقال سفيان: إي والله تأمره وتنهاه (٤).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن فلانا يصلي بالليل، فإذا أصبح سرق، فقال: إنه سينهاه ما تقول (٥)».

ولما كان القلب كما يقال: هو ملك الجوارح، والمسيطر على أفعالها وتوجيهها، فإن القلب الخاشع في الصلاة، هو الذي يتشبع بدلالة الآية، وهو الذي يعطي الرقابة للمفهوم الوقائي عن كل منكر وفاحشة، والجريمة من ذلك سواء كان مردودها على الفرد، أو بان أثرها في المجتمع.


(١) صحيح البخاري الأذان (٦٣١).
(٢) سورة العنكبوت الآية ٤٥
(٣) سورة هود الآية ٨٧
(٤) تفسير ابن كثير ٣: ٤١٤.
(٥) تفسير ابن كثير ص ٤١٥.