للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترويضا ومتابعة، حيث تابعوا التطبيق مع أقرب الناس إليهم، ونشئوا محبين لكل عمل مستحسن، آلفين كل منهج سليم، سائرين على الفطرة السليمة، التي هي تعاليم الإسلام الصحيحة؛ لأن كل مولود يولد على الفطرة، والإسلام وتشريعاته هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فالأسرة المسلمة في كل عصر ومصر عندما يهتم أربابها بأبنائهم تربية وحسن خلق، وإنكارا للمنكر، وتحذيرا من الصغائر، التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «إياكم ومحقرات الذنوب (١)» أي ما تحتقره النفس ويصغر في العين. فإن هذا من أسباب توفر البيئة الصالحة، التي تبغض الجريمة، وتنكر الجنوح إليها؛ لأن صلاح الأحداث، وتعظيمهم شرائع الله، والوقوف عند حدوده، دافعه الزاجر الإيماني، والتربية السليمة التي حرصت الأسرة على تمكينه في جوانب البيت، ضمن التربية الأولية التي يلقنها الآباء والأمهات لأبنائهم، فالكبير يمتثل ويوجه ويضرب النموذج الصالح بالقدوة والالتزام، أما الصغار فيبين لهم أن ذلك العمل ما هو إلا استجابة لشرع الله الذي جاء به الإسلام تربية وتوجيها وتعليما وتطبيقا. فالصغير عندما يتعود ذلك عملا، وتنطبع به أخلاقه سلوكا، فإن الأمر سيعظم في قلبه، والمصدر الذي جاء منه وهو كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، الذي استجاب من أجلها، سيكون له مكانة راسخة في أعماقه؛ لأن هذا من تعظيم حرمات الله، كما قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} (٢).

وقوله سبحانه: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (٣) إن الأسرة التي تحرص على غرس الروح الإيمانية في قلوب أبنائها، منذ تفتح براعمهم، فإنما تحصنهم لمجابهة الحياة، والاستعداد لإدراك المخاطر؛ لأن


(١) مسند أحمد بن حنبل (١/ ٤٠٣).
(٢) سورة الحج الآية ٣٠
(٣) سورة الحج الآية ٣٢