للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السالب والموجب، اللذين بهما يتكامل المجتمع، ويتراحم أبناؤه، ويردع قادرهم المعتدي، وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم المجتمع المؤمن بالترابط والمحافظة على مداخل الشر فيه من أن تنتهك، حيث جعله بمثابة الجسد الذي يتألم من أي طارئ يحس أي عضو فيه فقال صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه شيء، تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر (١)» رواه البخاري وأحمد في مسنده.

وقد رسم صلى الله عليه وسلم في أصول تربيته للمجتمع المسلم، وتوجيهاته لأبناء الأمة المسلمة، طرقا يستنير بها أبناء المجتمع في التوجيه والعمل، وتعينهم في رسم المنهج لبيئة الإسلام، من حيث الحصانة الفردية، والوقاية الجماعية، حيث أبان صلى الله عليه وسلم في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن المرء في توقيه الشبهات والمحارم كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه وأن حمى الله محارمه، ولكي يستبرئ المرء لدينه وعرضه، ويتجنب المحارم التي نهى التشريع الإسلامي عنها، فإن عليه أن يتقي الشبهات وأن يقف عند حدود الله، وبذلك يقي نفسه مسارب الجريمة، ويقوده القلب السليم إلى العمل الحسن، حيث إنه ملك الجوارح، وهو الموجه للخير إن صلح، وللشر إذا هو فسد، كما قال صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب (٢)». وكان الدعاء المأثور: «اللهم أصلح لي قلبي الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر (٣)». وفي البعض: ديني بدل قلبي.

وروي الدارقطني وغيره من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها».


(١) صحيح البخاري الأدب (٦٠١١)، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (٢٥٨٦)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٢٧٠).
(٢) صحيح البخاري الإيمان (٥٢)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٩)، سنن الترمذي البيوع (١٢٠٥)، سنن النسائي البيوع (٤٤٥٣)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٢٩)، سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٨٤)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٢٧٠)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٣١).
(٣) صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٧٢٠).