للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- أما الجنايات المختلفة التي يتسبب عنها أضرار وجروح، ففي بعضها أرش عن الجناية، وفي بعضها قصاص، وفي بعضها مبادلة شيء من الأعضاء تالف بالجناية، بمقابله من أعضاء الجاني، وقد يصطلح الطرفان على الدية التي حددها الشارع، بحسب العضو المجني عليه، والضرر الذي أصابه، أو أعاقه عن العمل، والديات والأرش تتفاوت بحسب نوعية الجناية، وباختلاف الزمان والمكان، وحال المجني عليه. ذكرا كان أو أنثى، مسلما أو كافرا، جنينا أو صبيا متكاملا (١).

- وقطاع الطرق المحاربون لله ولشرعه، المخيفون للناس الآمنين على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، وقد أوضح الله في سورة المائدة حكمهم، ونوعية العقاب الشديد الذي يجب أن يحل بهم، جزاء وفاقا؛ لتماديهم في الجريمة، وإخافة لمن تسول له نفسه أن يعمل عملهم، ويستهين بالسلطة الحاكمة، ويتجرأ على حدود الله وشرعه، حيث حرم صلى الله عليه وسلم على المسلمين دماء بعضهم البعض، وأموالهم وأعراضهم فقال في حجة الوداع، مؤكدا ذلك الحكم: «أي يوم هذا؟ قالوا: يوم النحر العيد الأكبر، فقال: أي شهر هذا؟ قالوا: شهر الله الحرام، قال: أي بلد هذا؟ قالوا بلد الله الحرام، فقال صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، اللهم بلغت اللهم فاشهد (٢)». ويقول صلى الله عليه وسلم: «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه (٣)» رواه مسلم.

وقد أعطى جل وعلا في التشريع الإسلامي لولي الأمر سلطة تنفيذية؛ لإقامة حكم الله في الفئات المخالفة، إذا لم تتب من عملها قبل أن يقدر عليهم، فقال سبحانه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (٤).


(١) انظر المعنى والشرح الكبير ج ١٢ الجنايات والحدود.
(٢) صحيح البخاري الحج (١٧٣٩)، سنن الترمذي الفتن (٢١٩٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٣٠).
(٣) صحيح مسلم البر والصلة والآداب (٢٥٦٤)، سنن الترمذي النكاح (١١٣٤).
(٤) سورة المائدة الآية ٣٣