للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله صلى الله عليه وسلم دليلا آخر على صيانة حرمات التشريع، وإذاقة النفس ألم التراخي، وتسليم القيادة للشهوات والرغبات.

وما حرص المسلم على السؤال عن هذه الكفارات، إلا رغبة في إبراء الذمة، والحرص على التوبة مما اقترفت النفس، وتنمية القوة الإيمانية بالامتثال، وتوعية الآخرين بحسن الاستجابة والقناعة.

والبشر طباعهم تختلف، وشعورهم يتباين، ونظرتهم للحدود والزواجر تختلف أيضا بحسن فهمهم ووقوفهم عند النص الشرعي بحسب قوة الإيمان، وسلامة النية.

فقد تقام الزواجر والحدود، ولا يرعى القلب، ولا يرتدع الفاعل عن تكرار أعماله؛ ولذا جاء الحكم بتشديد العقوبة، أو استئصال الشأفة؛ لأن حماية المجتمعات أمكن من وقاية الأفراد.

ولن تبقى للإسلام مهابة، ولمجتمعه أمن، إلا بالصدور عن حكم الله في ملاحقة المجرمين، وردعهم بسلطة التشريع، وقوة حكم الله، حيث يتميز المجتمع الإسلامي في كل عصر مصر بالمكانة الأمنية المرموقة، كلما حرص ولاة الأمر على الاهتمام بشرع الله، وتطبيق حدوده.

أما عندما يأتي التراخي في ذلك، ووصف أحكام الله بالشدة والقوة، فإن المجتمع سيجني ثمار ذلك قلقا اجتماعيا، وجريمة منظمة، وخوفا مستمرا على النفس والمال والولد، كما يلمس هذا في المجتمعات التي لم ترض بحكم الله، ولم تحرص على حدوده.

إن المجرم مع جرأته جبان إذا أدرك ما ينتظره من جزاء عادل، ولكنه شرير مخيف إذا عرف أنه لن يمس بأذى، أو أنه سيمكث في السجن أو الإصلاحية فترة وجيزة، يثبت فيها حسن سيرته، وتأدبه مع نظرائه في السجن، ليخرج بعد ذلك بأسلوب جديد، وعمل منظم، مما يجعل رواد السجون في نظر رجال البوليس في بعض الجهات أناسا ثابتين، وإذا