وبعد فتلك ملامح شريعتنا الغراء بوجهها المشرق الوضيء، وآثارها الطيبة في سعادتنا وعزنا ومرضاة ربنا جل وعلا.
فإيمان بالله يتخلل كل وجود المؤمن، ويتغلغل في سويداء قلبه، فيتذوق حلاوته، ولا يرضى به بديلا، وعقيدة راسخة في القلب، يعبر عنها اللسان، وتسري في دم الإنسان المسلم، وتخالط وجدانه وتمتزج بمشاعره، وعمل ينبثق من صدق الإيمان وبواعثه؛ مسارعة إلى الخير وإذعانا لله وانقيادا لشريعته، فيرى الناس فيه الواقع الحي للإيمان ومقتصياته.
وإيمان بأن محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه خاتم الأنبياء والمرسلين، فلا نبي بعده، قد اصطفاه ربه لإبلاغ آياته وحمل رسالته، وأن أقواله وأفعاله وتقريراته وأخلاقه بل ونواحي حياته كلها تعد ركنا في الدين وشريعة للمؤمنين، والمسلم مكلف بأن يبذل وسعه في معرفة ما جاء به والعمل به، وتقديمه على غيره، ورد كل ما سواه، وإيمان بأن الشرعية الإسلامية هي الرسالة الأخيرة إلى البشر، بل إلى الثقلين جميعا، أراد بها منزلها جل وعلا أن تكون كذلك شريعة عامة خالدة، وشريعة مثالية محكمة، قد أتت بالمبادئ التشريعية والخلقية، التي تسمو بالإنسان إلى أعلى درجات الكمال، وتضمن له إن هو عمل بمقتضاها وسار على منهجها خيري الدنيا والآخرة.
وإيمان بأن الشريعة الإسلامية نظم متكامل متسق، لا يعتوره نقص ولا يشوبه خلل، شامل لشعب الحياة كلها: في العقيدة والعبادة والسياسة والسلوك، وحتى أمور الغيب، ومشاهد القيامة وأحوالها، والتطبيق العملي لأحكامها ومبادئها، والوقوف عند حدودها، والالتزام بما جاءت به هو المحور المحرك لعوامل النصر والثبات والسعادة والاستقرار، وإيمان بأن الشريعة